الكلمات | الكلمة الرابعة والعشرون | 448
(436-486)

القابليات ولا صغر المرايا، ولا يسوقك الى خلاف الحقيقة شئ من ذلك لأنك صاف وخالص تنظر اليها مباشرة، ولذلك فقد أدركت أن ما يشاهَد في المظاهر ويُرى في المرايا ليس شمساً، وانما نوع من تجلياتها وضرب من انعكاساتها المتلونة. وان تلك الانعكاسات انما هي دلائل وعناوين لها فحسب، ولكن لا يمكنها ان تُظهر آثار هيبتها جميعاً.
ففي هذا التمثيل الممتزج بالحقيقة يُسلَك الى الكمال بطرق ثلاثة مختلفة متنوعة، فهم يتباينون في مزايا تلك الكمالات وفي تفاصيل مرتبة الشهود، الا انهم يتفقون في النتيجة، وفي الاذعان للحق، وفي التصديق بالحقيقة.
هذا فكما ان انساناً ليلياً لم يشاهد الشمس اصلاً، وانما يرى ظلالها في مرآة القمر، لا يمكنه ان يمكّن في عقله ويستوعب هيبة الضياء الخاص بالشمس وجاذبتها العظيمة وانما يقلد مَن رآها ويستسلم لهم. كذلك مَن لم يبلغ بالوراثة النبوية المرتبة العظمى لأسمي (القدير) و (المحيي) وامثالها من الاسماء يرى الحشر الاعظم والقيامة الكبرى ويقبلها تقليداً، قائلاً: انها ليست مسألة عقلية. لأن حقيقة الحشر والقيامة مظاهر لتجلي الاسم الاعظم والمراتب العظمى لقسم من الاسماء. فمن لم يرقَ نظره الى تلك المرتبة يضطر الى التقليد. بينما مَن نفذ فكرُه الى هناك يرى الحشر والقيامة سهلة كسهولة تعاقب الليل والنهار والشتاء والصيف، فيرضى بها مطمئن القلب.
وهكذا فمن هذا السر يذكر القرآنُ الكريم الحشرَ والقيامة في اعظم مرتبة وفي اكمل تفصيل وهكذا يرشد اليهما الرسول الاعظم y الذي حظي بأنوار الاسم الاعظم.
أما الانبياء السابقون عليهم السلام فلم يبينوا الحشر في أعظم درجة واوسع تفصيل بل بشئ من الاجمال، وذلك بمقتضى حكمة الارشاد حيث كانت أممهم على احوال ابتدائية بسيطة.
ومن هذا السر ايضاً لم ير قسمٌ من الاولياء بعض اركان الايمان في مرتبته العظمى أو عجزوا عن ان يبينوه هكذا.

لايوجد صوت