الكلمات | الكلمة الرابعة والعشرون | 447
(436-486)

من اسم الله (النور). فأدرك يا قلب الانسان من هذا ما اعظم الشمس التي أنت مرآتها!
فبعدما انجزت هذا الشرط تجد كمالك، ولكن لن ترى الشمس بذاتها وفي نفس الأمر بل لا تدرك تلك الحقيقة مجرّدة، اذ ألوان صفاتك تعطيها لوناً، ومنظارك الكثيف يلبسها صورة، وقابليتك المقيدة يحددها تحت قيد.
والآن ايها الفيلسوف الحكيم الداخل في (القطرة)! انك بمنظار قطرة فكرِك وسلّم الفلسفة رقيتَ وصعدت حتى بلغت القمر. ودخلت القمر. انظر! القمر في ذاته كثيف مظلم، لا ضياء له ولا حياة. فقد ذهب سعيُك هباءً وعلمك بلا جدوى ولا نفع. فانك تقدر أن تنجو من ظلمات اليأس ووحشة الغربة وازعاجات الارواح الخبيثة بهذه الشروط، وهي:
ان تركتَ ليل الطبيعة وتوجّهت الى شمس الحقيقة، اعتقدت يقينا ان انوار الليل هذا هي ظلال ضياء شمس النهار. فان وفيت بهذا الشرط تجد كمالك، فتجد الشمس المهيبة بديل قمر فقير معتم. ولكنك ايضاً مثل صديقك الآخر لن ترى الشمس صافية، وانما تراها وراء ستائر آنسها عقلُك وألفَتْها فلسفَتُك، تراها خلف ما نسجها علمُك وحكمتُك من حُجب، تراها في صبغة اعطَتْها اياها قابليتُك.
وهذا صديقكم الثالث الشبيه بـ (الرشحة) فقير، عديم اللون، يتبخر بسرعة بحرارة الشمس، يدع انانيَته ويمتطي البخارَ فيصعد الى الجو، يلتهب ما فيه من مادة كثيفة بنار العشق، ينقلب بالضياء نوراً، يمسك بشعاع صادر من تجليات ذلك الضياء ويقترب منه.
فيا مثال الرشحة! ما دمت تؤدي وظيفة المرآة للشمس مباشرة، فكن اينما شئت من المراتب، فيمكنك ان تجد نافذة نظارة صافية تطل منها الى عين الشمس بعين اليقين، فلا تعاني صعوبة في اسناد الآثار العجيبة للشمس اليها، اذ تستطيع ان تسند اليها اوصافها المهيبة بلا تردد، فلا يمكن ان يمسك يَدك ويكفّك شئٌ قطعاً عن اسناد الآثار المذهلة لسلطنتها الذاتية اليها. فلا يحيرك ضيق البرازخ ولا قيد

لايوجد صوت