الكلمات | الكلمة الرابعة والعشرون | 446
(436-486)

ان ترى به الشمس، بل يمكنها رؤية الشمس بإيمانها.
ثم ان هذا الفقير الذي يعتقد أن كل شئ منه تعالى مباشرة، ويعدّ الاسباب حجابا، ليكن هو (الرشحة)، فهي رشحة فقيرة في ذاتها، لا شئ لها كي تستند اليه وتعتمد عليه كالزهرة وليس لها لون كي تشاهد به، ولا تعرف اشياء اخرى كي تتوجه اليها. فلها صفاء خالص يخبئ مثال الشمس في بؤبؤ عينها.
والآن، ما دمنا قد حللنا مواضع هذه الثلاثة، علينا ان ننظر الى انفسنا، لنرى ماذا بنا؟ وماذا نعمل؟
فها نحن ننظر، واذا بالكريم يُسبغ علينا نِعَمه واحسانَه، فينورنا ويربينا ويجمّلنا. والانسان عبد الاحسان، ويسأل القرب ممن يستحق العبادة والمحبة، ويطلب رؤيته، لذا فكل منا يسلك حسب استعداده بجاذبة تلك المحبة.
فيا من يشبه (الزهرة) انت تمضي في سلوكك، ولكن امض وانت زهرة.. وها قد مضيت، وقد ترقيت تدريجياً حتى بلغتَ مرتبةً كلية، كأنك اصبحت بمثابة كل الازهار. بينما الزهرة مرآة كثيفة، فألوان الضياء السبعة تنكسر وتتحلل فيها، فتخفي صورة الشمس المنعكسة فلن توفّق الى رؤية وجه محبوبك الشمس، لأن الألوان المقيدة، والخصائص، تشتت ضوء الشمس وتسدل الحجاب دونه، فيحجب ما وراءه. فانت في هذه الحالة لن تنجو من الفراقات الناشئة من توسط الصور والبرازخ. ولكن النجاة بشرط واحد هو:
ان ترفع رأسك السارح في محبة نفسك، وتكفّ نظرك المستمتع بمحاسن نفسك والمغتر بها، وتحدقه في وجه الشمس التي هي في كبد السماء. ثم تحوّل وجهك المنكب الى التراب - يسأل الرزق - الى الشمس في علاها، ذلك لأنك مرآة لتلك الشمس، ووظيفتك مرآتية واظهار لتجليها. أما رزقك فسيأتيك من باب خزينة الرحمة، التراب، سواء أعلمت أم لم تعلم.
نعم، كما ان الزهرة مرآة صغيرة للشمس، فان هذه الشمس الضخمة ايضاً هي مرآة كقطرة في بحر السماء تعكس لمعة متجلية

لايوجد صوت