الكلمات | الكلمة الرابعة والعشرون | 458
(436-486)

الواسع الطليق.
وحيث ان قسماً من الاحاديث النبوية الواردة في فضائل الاعمال قد عبّر عنها الرسول الكريم y باسلوب بلاغى يناسب الترغيب والترهيب، فقد ظن مَن لا ينعم النظر ان تلك الاحاديث الشريفة تحمل مبالغة!. كلا، انها جميعاً لعين الحق ومحض الحقيقة وليست فيها مبالغة قط.
مثال: ان الذي يخرش اذهان المتعسفين ويثيرها هو الحديث الآتي:
(لو كانت الدنيا تعدِل عند الله جناح بعوضةٍ ما شَرب الكافرُ منها جُرعة ماء)(1). او كما قال. وحقيقته هي:
ان كلمة (عند الله) تعبّر عن العالم الباقي، فالنور المنبثق من عالم البقاء، ولو بمقدار جناح بعوضة هو أوسع وأعم، لانه ابدي، من نور موقت ولو كان يملأ الارض. اي ان الحديث لا يعقد موازنة بين جناح البعوض والعالم الكبير، وانما الموازنة هي بين دنيا كل فرد - محصورة في عمره القصير - وبين النور الدائم المشع، ولو بمقدار جناح بعوضة من الفيض الإلهي واحسانه العميم.
ثم ان الدنيا لها وجهان، بل ثلاثة اوجه:
الاول: وجه كالمرآة تعكس تجليات الاسماء الحسنى.
والثاني: وجه ينظر الى الآخرة، اي ان الدنيا مزرعة الآخرة.
اما الثالث: فهو الوجه الذي ينظر الى العدم والفناء، فهذا الوجه الاخير هو الدنيا غير المرضية عند الله، وهي المعروفة بدنيا اهل

(1) اصل الحديث : (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء) حديث صحيح: اخرجه الترمذي (2422) (تحفة) وابو نعيم في حلية الأولياء (3/253) والحاكم (4/306) وابن عدي في الكامل (1/249) والعقيلي في الضعفاء وعزاه في الجامع الصغير للضياء في المختارة، كلهم من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وقال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه وصححه الحاكم.ــ المترجم.

لايوجد صوت