النقطة الخامسة:
براعة البيان: أي التفوق والمتانة والهيبة، اذ كما ان في نظم القرآن جزالة، وفي لفظه فصاحة، وفي معناه بلاغة، وفي اسلوبه إبداعاً، ففي بيانه ايضاً براعة فائقة.
نعم! ان بيان القرآن لهو في أعلى مرتبة من مراتب طبقات الخطاب واقسام الكلام: كالترغيب والترهيب، والمدح والذم، والاثبات والارشاد، والافهام والافحام.
فمن بين الآف امثلة مقام (الترغيب والتشويق) سورة (الانسان)، إذ بيان القرآن في هذه السورة سلس ينساب كالسلسبيل، ولذيذ كثمار الجنة، وجميل كحلل الحور العين(1).
ومن بين الأمـثلة التي لاتحد لمقام (الترهيب والتهديد) مقـدمة ســورة (الغاشية) اذ بيان القرآن في هذه السورة يؤثر تأثير غليان الرصاص في صماخ الضالين، ولهيب النار في عقولهم، وكالزقوم في حلوقهم، وكلفح جهنم في وجوههم، وكالضريع الشائك في بطونهم.
نعم، إن كانت مأمورةُ العذاب جهنم ﴿تكاد تميز من الغيظ﴾ فكيف يكون تهديد وترهيب آمرها بالعذاب؟
ومن بين الآف امثلة مقام (المدح) السور الخمس المستــهلة بـ(الحمد لله)؛ اذ بيان القرآن في هذه السور ساطع كالشمس(2)، مزّين كالنجوم، مهيب كالسموات والارض، محبوب مأنوس كالملائكة، لطيف رؤوف كالرحمة على الصغار في الدنيا، وجميل بهيج كالجنة اللطيفة في الآخرة.
ومن بين آلاف امثلة مقام (الذم والزجر) الآية الكريمة:
﴿أيحبُ احدكُم انْ يأكل لحم اخيهِ ميتاً فكرهتُموه﴾(الحجرات:12).
(1) هذا الاسلوب قد لبس حلل معاني السورة نفسها. - المؤلف.
(2) في هذه العبارات اشارة لموضوعات تلك السور. - المؤلف.