الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 512
(487-598)

بكل احترام وتوقير.
يفهم من هذه الآية الكريمة - وبما ذكرناه من دلائل مختلفة في كلماتها - ان الغيبة مذمومة عقلاً وقلباً وانسانية ووجداناً وفطرة وملةً.
فتدبر هذه الآية الكريمة، وانظر كيف انها تزجر عن جريمة الغيبة باعجاز بالغ وبايجاز شديد في ست مراتب.
ومن بين آلاف امثلة مقام (الاثبات) الآية الكريمة:
﴿فانظر الى آثارِ رحمتِ الله كيفَ يحيى الأرضَ بعدَ موتِها انّ ذلك لمحيي الموتى وهو على كلِّ شيء قديرٌ﴾(الروم:50) فانها تثبت الحشر وتزيل استبعاده ببيانٍ شافٍ وواف لا بيان فوقه. وذلك كما اثبتنا في الحقيقة التاسعة من الكلمة العاشرة وفي اللمعة الخامسة من الكلمة الثانية والعشرين بأنه: كلما حلّ موسم الربيع، فكأن الأرض تُبعث من جديد بانبعاث ثلاثمائة الف نوع من انواع الحشر والنشور، في انتظام متقن وتمييز تام علماً انها في منتهى الاختلاط والتشابك، حتى يكون ذلك الإحياء والبعث ظاهراً لكل مشاهد، وكأنه يقول له: ان الذي أحيا الأرضَ هكذا لن يصعب عليه اقامة الحشر والنشور. ثم أن كتابة هذه الالوف المؤلفة من انواع الاحياء على صحيفة الأرض بقلم القدرة دون خطأ ولا نقص لهي ختم واضح للواحد الأحد،فكما أثبتت هذه الآية الكريمة التوحيدَ، تثبت القيامة والحشر ايضاً مبينةً ان الحشر والنشور سهل على تلك القدرة وقطعي ثابت كقطعية ثبوت غروب الشمس وشروقها.
ثم ان الآية الكريمة اذ تبين هذه الحقيقة بلفظ (كيف) أي من زاوية الكيفية فان سوراً اخرى كثيرة قد فصّلت تلك الكيفية منها: سورة (ق) مثلاً: فانها تثبت الحشر والقيامة ببيان رفيع جميل باهر يفيد انه لا ريب في مجئ الحشر كما لا ريب في مجئ الربيع - فتأمل في جواب القرآن الكفارَ المنكرين وتعجبهم من احياء العظام وتحولها الى خلق جديد، اذ يقول لهم:

لايوجد صوت