﴿أفلم ينظروا الى السماءِ فوقَهُم كيفَ بنيناها وزينّاها ومالها من فروج والأرضَ مددناها وألقينا فيها رواسيَ وانبتنا فيها من كلٍّ زوجٍ بهيج تبصرةً وذكرى لكلّ عبدٍ منيب ونزّلنا من السماء ماءً مباركاً فانبتنا بهِ جنّاتٍ وحبّ الحصيد والنخلَ باسقاتٍ لها طلعٌ نضيد رزقاً للعبادِ واحيينا به بلدةً ميتاً كذلك الخروج﴾(ق: 6ـ11)
فهذا البيان يسيل كالماء الرقراق، ويسطع كالنجوم الزاهرة، وهو يطعم القلب ويغذّيه بغذاء حلو طيب كالرطب. فيكون غذاء ويكون لذة في الوقت نفسه.
ومن ألطف امثلة مقام (الاثبات) هذا المثال:
﴿يس والقرآنِ الحكيم إنك لمن المرسلين﴾(يس : 1ــ3) . هذا القَسَم يشير الى حجية الرسالة وبرهانها بيقين جازم وحق واضح حتى بلغت في الحقانية والصدق مرتبة التعظيم والإجلال، فيُقْسَم به.
يقول القرآن الكريم بهذه الاشارة: انك رسول لأن في يدك قرآناً حكيماً، والقرآن نفسه حق وكلام الحق لأن فيه الحكمة الحقة وعليه ختم الاعجاز.
ونذكر من امثلة مقام (الاثبات) ذات الاعجاز والايجاز هذه الآية الكريمة: ﴿قال من يحيى العظامَ وهي رميمٌ قلْ يحييها الذي أنشأها أولَ مرةٍ وهو بكلّ خلقٍ عليم﴾(يس: 78 - 79 ).
ففي المثال الثالث من الحقيقة التاسعة للكلمة العاشرة تصوير لطيف لهذه المسألة، على النحو الآتي:
ان شخصاً عظيماً يستطيع ان يشكّل - أمام انظارنا - جيشاً ضخماً في يوم واحد. فاذا قال احدهم: ان هذا الشخص يمكنه ان يجمع جنود طابوره المتفرقين للاستراحة ببوق عسكري فينتظم له الطابور حالاً. وانت ايها الانسان إن قلت: لا اصدق!! تدرك عندئذٍ مدى بعد انكارك