مثله، والاّ ففي الدنيا يتعرض شرفكم ودينكم الى الخطر وتسامون الذل والهوان وتُهدر أموالكم، وفي الآخرة تصيرون حطباً للنار مع اصنامكم ومحكومين بالسجن الابدي ﴿فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة﴾(البقرة: 24).
فما دمتم قد عرفتم عجزكم بثماني مراتب، فلابد ان تعرفوا ان القرآن معجز بثماني مراتب فإما ان تؤمنوا به أو تسكتوا نهائياً وتكون جهنم مثواكم وبئس المصير.
وبعد ما عرفت بيان القرآن هذا والزامه في مقام (الافحام) قل: حقاً انه (ليس بعد بيان القرآن بيان).
المثال الثاني:
﴿فذكّر فما انتَ بنعمتِ ربّك بكاهنٍ ولا مجنون أم يقولون شاعرٌ نتربّصُ به ريبَ المنون قُل تربصوا فاني معكم من المتربصين أم تأمرُهُم احلامُهم بهذا أم هم قوم طاغون أم يقولون تَقَوّله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديثٍ مثله ان كانوا صادقين ام خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خَلقوا السموات والارض بل لا يُوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون أم لهم سلّمٌ يستمعون فيه فليأتِ مستمعُهم بسلطانٍ مبين أم له البنات ولكم البنونَ أم تسئلهم اجراً فهم من مغْرَم مُثقلون أم عندهم الغيبُ فهم يكتبون أم يُريدون كيداً فالذين كفروا هم المَكيدون أم لهم إلهٌ غيرُ الله سبحان الله عما يشركون﴾(الطور: 29 - 43)
من بين الآف الحقائق التي تتضمنها هذه الآيات الجليلة سنبين حقيقة واحدة فقط مثالاً للإلزام وإفحام الخصم. كالآتي:
ان هذه الايات الكريمة تُلزم جميع اقسام اهل الضلالة وتسكتهم، وتسدّ جميع منابت الشبهات وتزيلها، وذلك بلفظ: أم .. أم، بخمس عشرة طبقة من الاستفهام الانكاري التعجبي، فلا تدع ثغرة شيطانية ينزوي فيها اهل الضلالة إلاّ وتسدها، ولا تدع ستاراً يتسترون تحته إلاّ وتمزقه، ولا تدع كذباً من اكاذيبهم إلاّ وتفنّده. فكل فقرة من فقراتها تبطل خلاصة مفهوم كفرٍ تحمله طائفة من الطوائف الكافرة؛ إما بتعبير قصير وجيز، أو بالسكوت عنه واحالته الى بداهة العقل