الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 518
(487-598)

للقرآن.
﴿أم خُلقوا من غير شئ﴾ أم أنهم يعدّون أنفسهم سائبين، خُلقوا سدىً بلا غاية ولا وظيفة ولا خالق لهم ولا مولى؟ . ويعتقدون الكونَ كله عبثاً كما يعتقد به الفلاسفة العبثيون! أفعَميتْ ابصارهم؟ افلا يرون الكون كله من اقصاه الى اقصاه مزيّناً بالحِكَم ومثمراً بالغايات، والموجودات كلها من الذرات الى المجرات مناطة بوظائف جليلة ومسخرة لأوامر آلهية.
﴿أم هم الخالقون﴾ أم أنهم يظنون أن الاشياء تتشكل بنفسها وتُربّى بنفسها وتخلق لوازمها بنفسها كما يقول الماديون المتفرعنون! حتى غدوا يستنكفون من الايمان والعبودية لله، فاذاً هم يظنون أنفسهم خالقين. والحال: ان خالق شئٍ واحد يلزم ان يكون خالقاً لكل شئ. فلقد دفعهم اذن غرورُهم وعتوّهم الى منتهى الحماقة والجهل حتى ظنوا أن مَن هو عاجز امام أضعف مخلوق - كالذباب والميكروب - قادرٌ مطلق! فما داموا قد تخلّوا الى هذا الحد عن العقل وتجردوا من الانسانية، فهم اذاً اضلّ من الأنعام بل أدنى من الجمادات.. فلا تهتم لإنكارهم، بل ضعهم في عداد الحيوانات المضرة والمواد الفاسدة. ولا تلقِ لهم بالاً ولا تلتفت اليهم أصلاً.
﴿أم خلقوا السموات والارض بل لا يوقنون﴾ أم يجحدون وجود الله تعالى كالمعطلة الحمقى المنكرين للخالق؟ فلا يستمعون للقرآن! فعليهم اذاً ان ينكروا خلق السموات والارض، أو يقولوا:
نحن الخالقون؛ ولينسلخوا من العقل كلياً وليدخلوا في هذيان الجنون، لأن براهين التوحيد واضحة تُقرأ في أرجاء الكون بعدد نجوم السماء وبعدد ازاهير الارض، كلها تدل على وجوده تعالى وتفصح عنه. فاذاً لا يرغبون في الرضوخ الى الحق واليقين، والاّ فكيف ظنوا ان كتاب الكون العظيم هذا الذي تندرج في كل حرف منه الوف الكتب أنه دون كاتب، مع أنهم يعلمون جيداً أن حرفاً واحداً لا يكون دون كاتب؟

لايوجد صوت