الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 558
(487-598)

لمواقع الحاجات نزولاً متفرقاً متقطعاً، مع أنه يُظهر من التلاؤم الكامل كأنه نزل دفعة واحدة.
وايضاً ان ذلك القرآن المبين نزل في ثلاث وعشرين سنة لاسباب نزول مختلفة متباينة، مع أنه يظهر من التساند التام كأنه نزل لسبب واحد.
وايضاً ان ذلك القرآن جاء جواباً لأسئلة مكررة متفاوتة، مع انه يظهر من الامتزاج التام والاتحاد الكامل كأنه جواب عن سؤال واحد.
وأيضاً ان ذلك القرآن جاء بياناً لأحكام حوادث متعددة متغايرة، مع أنه يبين من الانتظام الكامل كأنه بيان لحادثة واحدة.
وايضاً ان ذلك القرآن نزل متضمناً لتنزلات كلامية إلهية في اساليب تناسب افهامَ مخاطبين لا يحصرون، ومن حالات من التلـقي متخالفة متنوعة، مع أنه يبين من السلاسة اللطيفة والتماثل الجميل، كأن الحالة واحدة والفهم واحد، حتى تجري السلاسة كالماء السلسبيل.
وايضاً ان ذلك القرآن جاء مكلماً متوجهاً الى اصناف متعددة متباعدة من المخاطبين، مع أنه يظهر من سهولة البيان وجزالة النظام ووضوح الافهام كأن المخاطبين صنف واحد بحيث يظن كل صنف انه المخاطب وحده بالاصالة.
وأيضاً ان ذلك القرآن نزل هادياً وموصلاً الى غايات ارشادية متدرجة متفاوتة، مع انه يبين من الاستقامة الكاملة والموازنة الدقيقة والانتظام الجميل كأن المقصد واحد.
فهذه الاسباب مع انها اسباب للتشويش واختلال المعنى والمبنى إلاّ انها استخدمت في اظهار اعجاز بيان القرآن وسلاسته وتناسبه.
نعم! من كان ذا قلبٍ غير سقيم، وعقل مستقيم، ووجدان غير مريض، وذوق سليم، يرى في بيان القرآن سلاسة جميلة وتناسقاً لطيفاً ونغمة لذيذة وفصاحة فريدة. فمن كانت له عين سليمة في بصيرته، فلا ريب أنه يرى في القرآن عيناً ترى كل الكائنات ظاهراً وباطناً بوضوح تام كأنها صحيفة واحدة، يقلّبها كيف يشاء، فيعرّف

لايوجد صوت