المصائب والبلايا التي تنزل في دار الدنيا هذه تجرح هذا الحكم وتقدح بهذا الاثبات.
الجواب: يا نفسي ويا صاحبي!
يا من تتألمان كثيراً لشدة ما تحملان من شفقة ورأفة. اعلما ان الوجود خير محض والعدم شر محض، والدليل هو رجوع جميع المحاسن والكمالات والفضائل الى الوجود، وكون العدم اساس جميع المعاصي والمصائب والنقائص.
ولما كان العدم شراً محضاً، فالحالات التي تنجر الى العدم او يُشم منها العدم تتضمن الشر ايضاً، لذا فالحياة التي هي اسطع نور للوجود، تتقوى بتقلبها ضمن احوال مختلفة، وتتصفى بدخولها اوضاعاً متباينة، وتثمر ثمرات مطلوبة باتخاذها كيفيات متعددة، وتبين نقوش اسماء واهب الحياة بياناً لطيفاً وجميلاً بتحولها في اطوار متنوعة.
وبناءً على هذه الحقيقة تعرض حالات على الاحياء في صور الآلام والمصائب والمشقات والبليات، فتتجدد بتلك الحالات انوار الوجود في حياتهم وتتباعد عنها ظلمات العدم، واذا بحياتهم تتطهر وتتصفى، ذلك لأن التوقف والسكون والسكوت والعطالة والدعة والرتابة، كل منها عدمٌ في الكيفيات والاحوال. حتى ان اعظم لذة من اللذائذ تتناقص بل تزول في الحالات الرتيبة.
حاصل الكلام : لما كانت الحياة تبين نقوش الاسماء الحسنى، فكل ما ينزل بالحياة اذن جميل وحسن.
فمثلاً: أن صانعاً ثرياً ماهراً يكلّف رجلاً فقيراً لقاء أجرة معينة ليقوم له في ظرف ساعة بدور النموذج (موديل) لأجل اظهار آثار صنعته الجميلة وابراز مدى ثرواته القيّمة فيُلبسه ما نسجه من حلة قشيبة في غاية الجمال والابداع،و يجرى عليه اعمالاً ويظهر اوضاعاً واشكالاً شتى لإظهار خوارق صنائعه وبدائع مهاراته، فيقصّ ويبدّل ويطوّل ويقصر، وهكذا...