الموت على ان يظل تحت ثقل المنة. ولم يخالف قاعدته، رغم مقاساته المشقات والعناء. فهذه الخصلة الموروثة من (سعيد القديم) الى اخيك العاجز هذا، ليست تزهّداً ولا استغناءً مصطنعاً عن الناس، بل ترتكز على بضعة اسباب واضحة:
الاول:
ان أهل الضلال يتهمون العلماء باتخاذهم العلم مغنماً. فيهاجموهم ظلماً وعدواناً بقولهم: (انهم يجعلون العلم والدين وسيلة لكسب معيشتهم) فيجب تكذيب هؤلاء تكذيباً فعلياً.
الثاني:
نحن مكلّفون باتباع الانبياء - عليهم السلام - في نشر الحق وتبليغه، وان القرآن الكريم يذكر الذين نشروا الحق انهم اظهروا الاستغناء عن الناس بقولهم: ﴿إن أجريَ الاّ على الله﴾ ﴿ان اجريَ الاّ على الله﴾. وان الآية الكريمة: ﴿اتّبعوا مَن لا يسئَلُكُم اجراً وهم مُهتدون﴾ في سورة يس، تفيد معاني جمّة، ومغزى عميقاً، فيما تخص مسألتنا هذه.
الثالث:
لقد بُيّن في (الكلمة الاولى): (يلزم الاعطاء باسم الله، والأخذ باسم الله). ولكن الذي يحدث غالباً هو ان المعطي، غافل، فيعطي باسم نفسه، فيتمنّن ضمناً، او ان الآخذ غافل يُسنِد الشكر والثناء الخاص بالمنعم الحقيقي الى الاسباب الظاهرية فيخطئ.
الرابع:
ان التوكل والقناعة والاقتصاد خزينة عظيمة، وكنز ثمين لايعوضان بشئ. لاأريد ان اسد ابواب تلك الخزائن والكنوز التي لا تنفد بأخذ المال من الناس. فشكراً للرزاق ذي الجلال بآلاف المرات انه لم يُلجئني منذ طفولتي الى البقاء تحت منّة احدٍ من الناس. فأرجو من رحمته تعالى معتمداً على كرمهِ ان يُمضي بقية عمري ايضاً بتلك