ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الثاني | 15
(13-16)

القاعدة.
الخامس:
لقد اقتنعت قناعة تامة منذ حوالي سنتين بامارات وتجارب كثيرة؛ انني لست مأذوناً بقبول أموال الناس ولا سيما هدايا الميسورين والموظفين، اذ أتأذى بقسمٍ منها، بل يُدفع به الى الأذى ليُحول دون أكلها، وأحياناً يُحوَّل الى صورة تضرني. فهذه الحالة اذن أمرٌمعنوي بعدم اخذ اموال الناس ونهىٌ عن قبولها.
وكذا، فان فيّ استيحاشاً من الناس، لا أستطيع قبول زيارة كل شخص في كل حين، فقبول هدايا الناس، يلزمني قبولي زيارتهم في وقت لا أريدها اخذاً بمراعاة شعورهم. وهذا ما لا أحبّذه.
انني افضّل ان آكل كسرة خبزٍ يابس، وان ألبس ثوباً فيه مائة رقعة ورقعة ينقذني من التصنع والتملق، على ان آكل اطيب حلوى الآخرين، وألبس افخر ملابسهم واضطر الى مراعاة مشاعرهم وهذا ما اكرهه.
السادس:
ان السبب المهم للاستغناء عن الناس هو ما يقوله ابن حجر(1) الموثوق حسب مذهبنا (الشافعي):يحرم قبول ما يوهب لك بنية الصلاح، ان لم تكن صالحاً(2).
نعم ان انسان هذا العصر يبيع هديته البخسة بثمن باهظ، لحرصه

(1) احمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي (909 - 974 هـ ) شيخ الاسلام ابو العباس: فقيه باحث مصري له تصانيف كثيرة منها (الفتاوى الهيتمية) و (شرح الاربعين النووية) و (تحفة المحتاج لشرح المنهاج) في فقه الشافعية. و(شرح مشكاة المصابيح للتبريزي). عن الاعلام للزركلي. 1/231. - المترجم.
(2) (ومَنْ أُعطي لوصفٍ يُظنُّ به كفقرٍ أو صلاح أو نسبٍ بأن توفرّت القرائن انه إنما اُعطي بهذا القصد أو صرّح له المُعطي بذلك وهو باطناً بخلافه، حَرُم عليه الأخذ مطلقاً ومثله ما لو كان به وصفٌ باطناً لو أطّلع عليه المُعطي، لم يُعْطِهِ. ويجري ذلك في الهدية أيضاً على الأوجه. مثلها سائر عقود التبرّع فيما يظهر كهِبَةٍ ووصيةٍ ووقفٍ ونذر) (تحفة المحتاج لشرح المنهاج 7/ 178) لابن حجر الهيتمي الشافعي. - المترجم.

لايوجد صوت