وسعهم لتقوية الحقائق الايمانية والعقائد الاسلامية، ذلك لانهما منشأ السعادة الابدية، وان اي تقصير فيهما يعني الشقاء الابدي.
نعم، لا يمكن دخول الجنة من دون ايمان، بينما يدخلها الكثيرون جداً دون تصوف. فالانسان لا يمكن ان يعيش دون خبز، بينما يمكنه العيش دون فاكهة. فالتصوف فاكهة والحقائق الاسلامية خبز.
وفيما مضى كان الصعود الى بعض من حقائق الايمان يستغرق اربعين يوماً، بالسير والسلوك، وقد يطول الى اربعين سنة، ولو هيأت الرحمة الإلهية في الوقت الحاضر طريقا للصعود الى تلك الحقائق لا يستغرق اربعين دقيقة! فليس من العقل أن لا يبالى بهذا الطريق؟!
فالذين قرأوا بانعام ثلاثاً وثلاثين رسالة من (الكلمات) يقرون بأن تلك (الكلمات) قد فتحت امامهم طريقاً قرآنياً قصيراً كهذا.
فما دامت الحقيقة هكذا. فاني اعتقد:
ان (الكلمات) التي كُتبت لبيان اسرار القرآن هي انجع دواء لأمراض هذا العصر وأفضل مرهم يمرر على جروحه، وانفع نور يبدد هجمات خيول الظلام الحالك على المجتمع الاسلامي، وأصدق مرشد ودليل لاولئك الحيارى الهائمين في وديان الضلالة.
فيا أخي! انك تعلم جيداً أن الضلالة إن كانت ناجمة من الجهل فازالتها يسير وسهل. ولكن ان كانت ناشئة من العلم فازالتها عسير ومعضل. وقد كان هذا القسم الأخير نادراً فيما مضى من الزمان، وربما لا تجد من الألف الا واحداً يضل باسم العلم. واذا ما وجد ضالون من هذا النوع ربما يسترشد منهم واحد من الألف. ذلك لأن امثال هؤلاء يعجبون بأنفسهم، فمع انهم يجهلون يعتقدون أنهم يعلمون.
واني اعتقد ان الله سبحانه وتعالى قد منح (الكلمات) المعروفة، التي هي لمعات معنوية من اعجاز القرآن الكريم خاصية الدواء الشافي والترياق
المضاد لسموم زندقة هذه الضلالة في هذا العصر.
الباقي هو الباقي
سعيد النورسي