ولما كانت الكلمتان العاشرة والتاسعة والعشرون قد اثبتتا هذه الحقيقة على أتم وجه نحيل الكلام اليهما ونقول:
ان الصانع الحكيم لهذا الكون والخالق الحكيم لهذا الانسان الذي له علم محيط مطلق وارادة كلية مطلقة وقدرة مطلقة ـــ كما اثبتت في التوضيحات السابقة اثباتاً قاطعاً - قد وعد بالجنة والسعادة الابدية للمؤمنين في جميع كتبه وصحفه السماوية. واذ قد وعد فلاشك انه سينجزه. لأن اخلاف الوعد محال عليه، اذ إن عدم ايفاء الوعد نقص مشين. والكامل المطلق منزّه عن النقص ومقدس عنه. وان عدم انجاز الموعود، اما انه ناتج من الجهل او العجز، والحال أنه محال في حق ذلك القدير المطلق والعليم بكل شئ الجهل والعجز قطعاً. فخلف الوعد اذاً محال.
ثم ان جميع الانبياء عليهم السلام وفي مقدمتهم فخر العالم y وجميع الاولياء وجميع الاصفياء وجميع المؤمنين يسألون دوماً ذلك الرحيم الكريم ماوعده من سعادة ابدية ويتضرعون اليه ويطلبونها منه.
فضلاً عن انهم يسألونها مع جميع اسمائه الحسنى، لأن اسماءه وفي المقدمة رأفته ورحمته وعدالته وحكمته، واسم الرحمن والرحيم واسم العادل والحكيم وربوبيته المطلقة وسلطنته المهيبة واسم الرب واسم الله سبحانه وتعالى، وامثالها من اكثر الاسماء الحسنى تقتضي الآخرة والسعادة الابدية وتستلزمها وتشهد لتحققها وتدل عليها، بل ان جميع الموجودات بجميع حقائقها تشير الى دار الآخرة (كما اثبت في الكلمة العاشرة ).
ثم ان القرآن الحكيم بألوف آياته الجليلة وبيّنات براهينه الصادقة القاطعة تدل على تلك الحقيقة وتعلّمها.
ثم ان الحبيب الكريم y وهو فخر الانسانية قد درّس تلك الحقيقة وعلّمها، مستنداً الى الوف معجزاته الباهرة، طوال حياته المباركة،