ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المقام الثاني | 373
(340-376)

الصنعة وغرائب الخلق. فالازهار ليست ادنى جمالاً عن النجوم الزاهرة ولا البذور أحط قيمة من الاشجار اليافعة. بل الشجرة المعنوية المدرجة بنقش القدر في البذرة الصغيرة اعجب من الشجرة المجسمة بنسج القدرة في البستان. وان خلق الانسان اعجب من خلق العالم.
فكما لو كتب قرآن الحكمة بذرات الاثير على جوهر فرد يمكن أن يكون اعظم قيمة من قرآن العظمة المكتوبة على السموات بالنجوم، كذلك هناك كثير جداً من الجزئيات هي ارقى من الكليات من حيث الصنعة.
 النكتة الخامسة:
لقد بينا آنفاً شيئاً من اسرار وحكم ما يُشاهد في ايجاد الاشياء والمخلوقات من منتهى اليسر والسهولة ومنتهى السرعة في انجاز الافعال.
فوجود الاشياء بهذه السهولة غير المحدودة والسرعة المتناهية، يورث قناعة قاطعة لدى اهل الايمان؛ أن ايجاد الجنة ازاء قدرة خالق المخلوقات سهل كايجاد الربيع، والربيع كالبستان والبستان كالزهرة. وان حشر البشر قاطبة وبعثهم سهل كسهولة اماتة فرد وبعثه وذلك مضمون الآية الكريمة :
﴿ماخلقُكم ولابعثُكم الاّ كنفسٍ واحدة﴾ (لقمان:28).
وكذلك فإن احياء جميع الناس يوم الحشر الاعظم يسير كيسر جمع الجنود المتفرقين في الاستراحة بصوت من بوق، وهو مضمون صراحة الآية الكريمة:
﴿إنْ كانت الاّ صيحةً واحدة فاذا هُم جميعٌ لدينا مُحضَرون﴾ (يس:53).
فهذه السرعة غير المتناهية والسهولة غير المحدودة، مع أنها

لايوجد صوت