ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الثاني والعشرون | 390
(388-411)

اما اذا تغلبت اسباب العداوة والبغضاء وتمكنت في القلب، فان المحبة تنقلب عندئذ الى محبة شكلية تلبس لبوس التصنع والتملق.
فأعلم اذن ايها الظالم! ما اشده من ظلم ان يحمل المؤمن عداء وحقداً لاخيه! فكما انك اذا استعظمت حصيات تافهة ووصفتها بأنها اسمى من الكعبة المشرفة واعظم من جبل احد، فانك بلا شك ترتكب حماقة مشينة، كذلك هي حماقة مثلها ان استعظمت زلات صدرت من اخيك المؤمن واستهولت هفواته التي هي تافهة تفاهة الحصيات، وفضلت تلك الامور التافهة على سمو الايمان الذي هو بسمو الكعبة، ورجحتها على عظمة الاسلام الذي هو بعظمة جبل اُحد. فتفضيلك ما بدر من اخيك من أمور بسيطة على ما يتحلى به من صفات الاسلام الحميدة ظلم وأي ظلم! يدركه كل من له مسكة من عقل!
نعم! ان الايمان بعقيدة واحدة، يستدعي حتماً توحيد قلوب المؤمنين بها على قلب واحد، ووحدة العقيدة هذه، تقتضي وحدة المجتمع. فأنت تستشعر بنوع من الرابطة مع من يعيش معك في طابور واحد، وبعلاقة صداقة معه ان كنت تعمل معه تحت امرة قائد واحد، بل تشعر بعلاقة اخوة معه لوجودكما في مدينة واحدة، فما بالك بالايمان الذي يهب لك من النور والشعور ما يريك به من علاقات الوحدة الكثيرة، وروابط الاتفاق العديدة، ووشائج الاخوة الوفيرة ما تبلغ عدد الاسماء الحسنى. فيرشدك مثلاً الى:
ان خالقكما واحد، مالككما واحد، معبودكما واحد، رازقكما واحد.. وهكذا واحد واحد الى ان تبلغ الالف. ثم، ان نبيكما واحد، دينكما واحد، قبلتكما واحدة، وهكذا واحد واحد الى ان تبلغ المائة. ثم، انكما تعيشان معاً في قرية واحدة، تحت ظل دولة واحدة، في بلاد واحدة.. وهكذا واحد واحد الى ان تبلغ العشرة.
فلئن كان هناك الى هذا القدر من الروابط التي تستدعي الوحدة والتوحيد والوفاق والاتفاق والمحبة والاخوة، ولها من القوة المعنوية ما يربط اجزاء الكون الهائلة، فما اظلم من يعرض عنها جميعاً

لايوجد صوت