ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الثاني والعشرون | 393
(388-411)

العداء قبل أي شئ آخر.
وان اردت أن تغلب خصمك فادفع سيئته بالحسنة، فبه تخمد نار الخصومة. اما اذا قابلت اساءته بمثلها فالخصومة تزداد. حتى لو اصبح مغلوباً ـ ظاهراً ـ فقلبه يمتلئ غيظاً عليك، فالعداء يدوم والشحناء تستمر. بينما مقابلته بالاحسان تسوقه الى الندم، وقد يكون صديقاً حميماً لك، اذ ان من شأن المؤمن ان يكون كريماً، فان اكرمته فقد ملكته وجعلته اخاً لك، حتى لو كان لئيماً ـ ظاهراً ـ الا انه كريم من حيث الايمان، وقد قال الشاعر:
اذا انت اكرمت الكريم ملكته وان انت اكرمت اللئيم تمردا(2)
نعم، ان الواقع يشهد: ان مخاطبة الفاسد بقولك له: (انك صالح، انك فاضل..). ربما يدفعه الى الصلاح وكذا مخاطبة الصالح: (انك طالح، انك فاسد...). ربما يسوقه الى الفساد، لذا استمع بأذن القلب الى قوله تعالى:
﴿وَاِذَا مَرّوُا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً﴾(الفرقان: 72).
﴿وَاِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتغْفِروُا فَاِنَّ الله غَفُورٌ رَحيمٌ﴾(التغابن: 14)
وامثالها من الدساتير القرآنية المقدسة، ففيها التوفيق والنجاح والسعادة والامان.
 الدستور الرابع:
ان الذين يملأ قلوبهم الحقد والعداوة تجاه اخوانهم المؤمنين انما يظلمون انفسهم اولاً، علاوة على ظلمهم لاخوانهم، وفضلاً عن تجاوزهم حدود الرحمة الإلهية، حيث أنه بالحقد والعداوة يوقع نفسه في عذاب أليم، فيقاسي عذاباً كلما رأى نعمة حلّت بخصمه، ويعاني ألماً من خوفه. وان نشأت العداوة من الحسد فدونه العذاب الأليم، لان الحسد اشد ايلاماً للحاسد من المحسود حيث يحرق صاحبه بلهيبه، اما 

-------------------
(2) البيت للمتنبي. انظر العرف الطيب في شرح ديوان ابي الطيب. ص 387ــ دار القلم، بيروت. - المترجم.

لايوجد صوت