منه ضرر. فما دمت لا تملك الخيار من امرك، ولا تستطيع ان تتخلص من العداء، فان شعورك بأنك مقصر في هذه الخصلة، وادراكك انك لست على حق فيها، ينجيانك ــ باذن الله ــ من شرور العداء الكامن فيك، لان ذلك يعد ندماً معنوياً، وتوبة خفية، واستغفاراً ضمنياً. ونحن ما كتبنا هذا المبحث الا ليضمن هذا الاستغفار المعنوي، فلا يلتبس على المؤمن الحق والباطل، ولا يوصم خصمه المحق بالظلم.
وقد مرت عليَّ حادثة جديرة بالملاحظة:
رأيت ذات يوم رجلاً عليه سيماء العلم يقدح بعالم فاضل، بانحياز مغرض حتى بلغ به الامر الى حد تكفيره، وذلك لخلاف بينهما حول امور سياسية، بينما رأيته قد اثنى ـ في الوقت نفسه ـ على منافق يوافقه في الرأي السياسي!. فاصابتني من هذه الحادثة رعدة شديدة، واستعذت بالله مما آلت اليه السياسة وقلت: (اعوذ بالله من الشيطان والسياسة).
ومنذئذٍ انسحبت من ميدان الحياة السياسية.
الوجه الخامس:
هذا الوجه يبين مدى الضرر البالغ الذي يصيب الحياة الاجتماعية من جراء العناد والتنافر والتفرقة.
فاذا قيل:
لقد ورد في حديث شريف: (اِخْتِلافُ اُمَّتي رَحْمَةٌّ)(1) والاختلاف يقتضى التفرق والتحزب والاعتداد بالرأي.
ولكن داء التفرق والاختلاف هذا فيه وجه من الرحمة لضعفاء
-----------------------
(1) قال السخاوي في المقاصد: رواه البيهقي في المدخل بسند منقطع.. واخرجه الطبراني والديلمي ايضاً وفيه ضعيف، وعزاه الزركشي وابن حجر لنصر المقدسي مرفوعاً من غير بيان لسنده، وعزاه العراقي لآدم بن ابي اياس بغير بيان لسنده ايضاً. وفي الموضوعات للقارى ان السيوطي قال: اخرجه نصر المقدسي في الحجة والبيهقي في الرسالة الاشعرية بغير سند ورواه الحليمي والقاضي حسين وامام الحرمين وغيرهم، ولعله خرّج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل الينا. (باختصار عن كشف الخفاء 1/64) . وانظر تمييز الطيب ص11.والفتح الكبير للسيوطي 568ــ المترجم.