ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الثاني والعشرون | 398
(388-411)

الكشف عن الحقيقة واظهار كل زاوية من زواياها بأجلى صور الوضوح. ولكن ان كانت المناقشة والبحث عن الحقيقة لاجل اغراض شخصية وللتسلط والاستعلاء واشباع شهوات نفوس فرعونية ونيل الشهرة وحب الظهور، فلا تتلمع بارقة الحقيقة في هذا النوع من بسط الافكار، بل تتولد شرارة الفتن. فلا تجد بين امثال هؤلاء اتفاقاً في المقصد والغاية، بل ليس على الكرة الارضية نقطة تلاق لافكارهم، ذلك لانه ليس لاجل الحق، فترى فيه الافراط البالغ دون حدود، مما يفضي الى انشقاقات غير قابلة للالتئام. وحاضر العالم شاهد على هذا..
وصفوة القول:
ان لم تكن تصرفات المؤمن وحركاته وفق الدساتير السامية التي وضعها الحديث الشريف: (الحب في الله والبغض في الله)(1) والاحتكام الى امر الله في الامور كلها، فالنفاق والشقاق يسودان.. نعم، ان الذي لا يستهدي بتلك الدساتير يكون مقترفاً ظلماً في الوقت الذي يروم العدالة.
حادثة ذات عبرة:
في احدى الغزوات الاسلامية، كان الامام علي رضى الله عنه يبارز احد فرسان المشركين فتغلب عليه الامام وصرعه. فلما اراد الامام ان يجهز عليه تفل على وجه الامام. فما كان من الامام الا ان اخلى سبيله وانصرف عنه، فاستغرب المشرك من هذا العمل.
فقال: الى اين؟
قال الامام: كنت اقاتلك في سبيل الله، فلما فعلت ما فعلت خشيت ان يكون قتلي اياك فيه ثأر لنفسي فأطلقتك لله.
فأجابه الكافر: كان الاولى ان تثيرك فعلتي اكثر فتسرع في قتلي! وما دمتم تدينون بدين هو في منتهى السماحة فهو بلا شك دين حق(2). 


---------------------
(1) رواه مسلم والبخاري في كتاب الايمان.وابوداود في السنة 2، وفي المسند 5/ 146 المترجم.
(2) الشيخ شمس الدين السيواسي (مناقب جهار يار كوزن ) بالعثمانية/ 294.

لايوجد صوت