والحال ان كل قوم يلائمه لباس على قدّه وقامته، وحتى لو كان نوع القماش واحداً فانه يلزم الاختلاف في الطراز. اذ لايمكن إلباس المرأة ملابس الشرطي، ولايمكن إلباس العالم الديني ملابس الخليعات.
فالتقليد الاعمى يؤدي في كثير من الاحيان الى حالة من الهزء والسخرية كهذه.. لان:
اولاً: ان كانت اوروبا حانوتاً، او ثكنة عسكرية، فان آسيا تكون بمثابة مزرعة او جامع. وان صاحب الحانوت قد يذهب الى المسرح، بينما الفلاح لايكترث به. وكذلك تتباين اوضاع الثكنة العسكرية والمسجد او الجامع.
ثم ان ظهور اكثر الانبياء في آسيا، وظهور اغلب الحكماء والفلاسفة في اوروبا، رمزٌ للقدر الإلهي واشارة منه الى ان الذي يوقظ اقوام آسيا ويدفعهم الى الرقي ويحقق ادامة إدارتهم هو الدين والقلب. اما الفلسفة والحكمة فينبغي ان تعاونا الدين والقلب لا ان تحلا محلهما.
ثانياً: لايقاس الدين الاسلامي بالنصرانية، اذ ان تقليد الاوروبيين في اهمالهم دينهم تقليداً أعمى خطأ جسيم؛
لان الاوروبيين متمسكون بدينهم اولاً، والشاهـد على هـذا، في المقـدمة
(ولسن)(1) و (لويد جورج)(2) و (فينزيلوس)(3) وامثالهم من عظماء الغرب، فهم متمسكون بدينهم كأي قس متعصب. فهؤلاء شهود اثبات ان اوروبا مالكة لدينها بل تعد متعصبة.
-------------------------------------------------
(1) ولسن توماس وودرو (1856ـ 1924): رئيس الولايات المتحدة(1913ـ 1921) درس القانون ومارس المحاماة، كان مدير جامعة برنستون (1902ـ 1910) فاز برئاسة الجمهورية عن الحزب الديمقراطي، كان يجاهر بعدائه لكل ألوان الاستعمار، ألف عدة كتب في النظم السياسية اهمها (تاريخ الشعب الامريكي) 5 أجزاء 1902 .ـ المترجم.