ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | القسم الخامس | 613
(610-614)

كل ما في تلك العوالم من عوالم، إذ كانت تتراءى جلوات الاسماء الاخرى ضمن تجلي كل اسم من الاسماء، وذلك بسر الأحدية.
فكأن القلب في هذه السياحة ينبسط ويزداد شوقه الى المزيد منها كلما رأى أنواراً مختلفة وراء كل ظلمة. حتى انه اراد ركوب الخيال ليجول في السماء، وعندها رفع الستار عن مشهد واسع عظيم جداً، فدخل القلب في عالم السماوات، ورأى:
ان تلك النجوم التي تنثر الابتسامات النورانية هي أعظم من كرة الارض جسامة، وتسير أسرع منها وتدور متداخلة فيما بينها، لو ضيعتْ احداها طريقها، وتاهت دقيقة واحدة، لاصطدمت اذن مع غيرها، وعندها تنفلق وتدوي دوياً هائلاً وتندلق احشاء الكون ويتفتت. فلاتشع النجوم بعدُ نوراً بل تستطير ناراً، ولاتوزع الابتسامات النورانية بل تخيم عليها الظلمات الدائمة. وهكذا رأيت السماوات - بهذا الخيال ـ عالماً واسعاً خالياً رهيباً محيراً مذهلاً. فندمت على مجيئي اليها ألف ندم، ولكن وانا أعاني هذه الحالة اذا بالاسماء الحسنى لـ ﴿رب السموات والارض﴾ ولـ(رب الملائكة والروح ) تشرق بجلواتها من برج ﴿ولقد زينّا السّماء الدنيا بمصابيح﴾(الملك:5). و ﴿وسخّر الشمس والقمر﴾(الرعد:2). فالتمست النجومُ التي غشيتها الظلمات لمعة نور من تلك الأنوار العظيمة ـ من حيث ذلك المعنى استنارت السماء بمصابيح بعدد النجوم. وامتلأت بالملائكة والروحانيات وعمّرت بعد ان كانت تُظن خالية خاوية، ورأيت ان تلك الشموس والنجوم الجارية كأنها جيش من جيوش رب العالمين، سلطان الأزل والابد، وكأنها تتحرك وتدور ضمن مناورة راقية، تظهر عظمة ربوبية ذلك المليك المقتدر.
فقلت بما أملك من قوة، بل لو استطعت لتلوت بكل ذرات وجودي، وبلسان جميع المخلوقات لو كانوا يسمعون لي الآية الكريمة:
﴿الله نورُ السّمواتِ والارضِ مَثَلُ نورهِ كمشكوةٍ فيها مِصباحٌ المصباحُ في زجاجةٍ الزجاجةُ كأنها كوكبٌ دُريّ يوقَدُ من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيةٍ ولاغربية يكاد زيتها يُضيء ولو لم تمسسهُ نارٌ نورٌ على نورٍ يهدي الله لنورهِ من يشاء﴾(النور:35).
ورجعت الى الارض وهبطت من السماء، وأفقت من تلك الواقعة، وقلت:
الحمد لله على نور الايمان والقرآن

لايوجد صوت