ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الحادي والعشرون | 384
(383-387)

من دناءة ووضاعة بالمرّة. اعلم هذا.. واصحَ!
أجل افهم، ما اقذره من ظلم وما افظعه من انعدام للضمير ان يتمنى متمنٍ زوال الذي ضحى بحياته كلها في سبيل حياته هو!
ايها الانسان المبتلى بهموم العيش! اعلم ان عمود بركة بيتك ووسيلة الرحمة فيه، ودفع المصيبة عنه، انما هو ذلك الشيخ، او ذلك الاعمى من اقربائك الذي تستثقله. لا تقل ابداً: ان معيشتى ضنك، لا استطيع المداراة فيها!.. ذلك لانه لو لم تكن البركة المقبلة من وجوه اولئك، لكان ضنك معيشتك اكثر قطعاً. فخذ مني هذه الحقيقة، وصدّقها، فانني اعرف لها كثيراً من الادلة القاطعة، واستطيع ان احملك على التصديق بها كذلك. ولكن، لئلا يطول الامر فانني اوجزها. كن واثقاً جداً من كلامي هذا. أقسم بالله ان هذه الحقيقة هي في منتهى القطعية، حتى ان نفسي وشيطاني ايضاً قد استسلما امامها. فلا غرو ان الحقيقة التي اغاظت شيطاني واسكتته وحطمت عناد نفسي الامارة بالسوء لا بد انها تستطيع ان تقنعك ايضاً.
أجل؛ ان الخالق ذا الجلال والاكرام الذي هو الرحمن الرحيم وهو اللطيف الكريم ـ بشهادة ما في الكون اجمع ـ حينما يرسل الاطفال الى الدنيا فانه يرسل ارزاقهم عقبهم مباشرة في منتهى اللطف؛ كانقذاف ما في الاثداء وتفجيره كالينابيع الى افواههم، كذلك فان ارزاق العجزة ـ الذين دخلوا في عداد الاطفال بل هم احق بالمرحمة واحوج الى الرأفة ـ يرسلها لهم سبحانه وتعالى بصورة بَرَكَة، ولا يحمّل الاشحاء من الناس اعاشة هؤلاء ولا يدعها لهم. فالحقيقة التي تفيدها الايات الكريمة: ﴿انّ الله هو الرزّاق ذو القوةِ المتين﴾ (الذاريات :58).﴿وكأيّن من دابّةٍ لا تحمِلُ رِزقَها الله يرزُقها واياكم وهو السميع العليم﴾(العنكبوت:60) حقيقة ذات كرم ينطق بها وينادى بلسان حال جميع المخلوقات المتنوعة من الاحياء. وليس الشيوخ الاقرباء وحدهم يأتيهم رزقهم رغداً بصورة بركة بل رزق حتى بعض المخلوقات التي وهبت لمصاحبة الانسان وصداقته كأمثال القطط. فان ارزاقها

لايوجد صوت