لنرى الحقيقة بوضوح. فنبين الداعي والمقتضى لها في خمسة رموز ونبين الغايات والفوائد منها في خمس اشارات.
المقام الاول
وهو في خمسة رموز
الرمـز الاول
لقد ذكرنا في خواتيم الكلمة السادسة والعشرين: ان صنّاعاً ماهراً، يكلف رجلاً فقيراً لقاء اجرة يستحقها ، ليقوم له بدور النموذج (الموديل) ليخيط لباساً راقياً، فاخراً في اجمل زينة واكثرها بهاءً، اظهاراً لمهارته وصنعته. لذا يفصّل على ذلك الرجل اللباس ويقصه ويقصره ويطوله، ويقعد الرجل وينهضه، ويجعله في اوضاع مختلفة.. فهل يحق لهذا الرجل الفقير ان يقول للصنّاع: لِمَ تبدل هذا اللباس الذي يجمّلني؟ ولِمَ تغيره؟ فتقعدني تارة وتنهضني اخرى فتفسد راحتي؟!
وكذلك الصانع الجليل (وله المثل الاعلى) قد اتخذ ماهية كلِ نوع من الموجودات مقياساً ونموذجاً (موديلاً) فألبس كل شئ لباساً مرصعاً بالحواس، ونقش عليه نقوشاً بقلم قضائه وقدره، واظهر جلوات اسمائه الحسنى، ابرازاً لكمال صنعته بنقوش اسمائه. فضلاً عن انه سبحانه يمنح كل موجود ايضاً كمالاً ولذة وفيضاً بمثابة اجرة ملائمة له.
فهل يحق لشئ ان يخاطب ذلك الصانع الجليل الذي هو مالك الملك يتصرف في ملكه كيف يشاء ويقول: (انك تتعبني وتفسد عليّ راحتي)؟ حاش للّه وكلا!
انه ليس للموجودات حق باية جهة كانت ازاء واجب الوجود،