هو الدعاء الذي يُسأل بلسان حاجة الفطرة، فالكائنات الحية جميعها تطلب مطاليبها وتسأل حاجاتها ـ الخارجة عن طوقها واختيارها ـ من خالقها الرحيم وتُستجاب لها مطاليبها وحاجاتها في انسب وقت ومن حيث لا تحتسب، اذ ان ايديها قاصرة عن ان تصل الى ما تريد أو دفع حاجة لها، فارسال كل ما تطلبه اذن مما هو خارج عن طوقها واختيارها وفي انسب وقت ومن حيث لا تحتسب انما هو من قبل حكيم رحيم. واغداق هذا الاحسان والانعام ما هو الا استجابة لدعاء فطري.
نحصل من هذا: ان هذا النوع من الدعاء الفطري تنطلق به ألسنة حاجة الفطرة لجميع الكائنات فتسأل الخالق القدير مطاليبها، والتي هي من قبيل الاسباب تسأل القدير العليم المسببات.
النوع الثالث من الدعاء:
هو الدعاء الذي يسأله ذوو الشعور لتلبية حاجاتهم. وهذا الدعاء نوعان ايضاً:
فالقسم الاول: مستجاب على الاغلب ان كان قد بلغ درجة الاضطرار، أو كان ذا علاقة قوية مع حاجة الفطرة وموافقة معها، أو كان قريباً من لسان الاستعداد والقابلية، أو كان خالصاً صافياً نابعاً من صميم القلب.
ان ما احرزه الانسان من رقي، وما نال من كشوفات ما هو الا نتيجة هذا النوع من الدعاء، اذ ما يطلقون عليه من خوارق الحضارة والامور التي يحسبونها مدار افتخار اكتشافاتهم ما هو الا ثمرة هذا الدعاء المعنوي الذي سألته البشرية بلسان استعداد خالص فأستجيب لها. فما من دعاء يُسأل بلسان الاستعداد وبلسان حاجة الفطرة الا استجيب ان لم يكن هناك مانع، وكان ضمن شرائطه المعينة.
أما القسم الثاني: فهو الدعاء المعروف لدينا. وهذا ايضاً فرعان:
احدهما فعلي والآخر قولي.