الضلالة والطغيان هي الحط من قيمة المؤلف للتهوين من شأن كتاب لايفي بغرضهم. فلابد اذن ألاّ ترتبط الرسائل المرتبطة بنجوم سماء القرآن الكريم بسند متهرئ قابل للسقوط، مثلي الذي يمكن أن يكون موضع اعتراضات كثيرة، ونقدٍ كثير.
ومادام عرف الناس دائراً حول البحث عن مزايا الأثر في أطوار مؤلفه وأحواله الذي يحسبونه منبع ذلك الخير ومحوره الاساس. فانه اجحاف اذاً بحق الحقيقة وظلم لها ـ بناء على هذا العرف ـ ان تكون تلك الحقائق العالية والجواهر الغالية بضاعة مَن هو مفلس مثلي وملكاً لشخصيتي التي لاتستطيع ان تظهر واحداً من ألف من تلك المزايا.
لهذا كله أقول: ان الرسائل ليست ملكي ولامني بل هي ملك القرآن. لذا أراني مضطراً الى بيان أنها قد نالت رشحات من مزايا القرآن العظيم. نعم، لاتُبحث ما في عناقيد العنب اللذيذة من خصائص في سيقانها اليابسة؛ فانا كتلك الساق اليابسة لتلك الاعناب اللذيذة.
السبب الرابع:
قد يستلزم التواضع كفران النعمة، بل يكون كفراناً بالنعمة عينه، وقد يكون ايضاً التحدث بالنعمة تفاخراً وتباهياً. وكلاهما مضران، والوسيلة الوحيدة للنجاة. اي لكي لايؤدي الأمر الى كفرانٍ بالنعمة ولاالى تفاخر، هي: الإقرار بالمزايا والفضائل دون ادّعاء تملّكها، اي اظهارها انها آثار إنعام المنعم الحقيقي جلّ وعلا.
مثال ذلك: اذا ألبسك أحدُهم بدلة فاخرة جميلة، وأصبحتَ بها جميلاً وأنيقاً،فقال لك الناس: ما أجملك! لقد أصبحت رائعاً بها، وأجبتهم متواضعاً: كلا! مَن أنا، أنا لست شيئاً.. أين الجمال من هذه البدلة!! فان جوابك هذا كفران بالنعمة بلاشك، وسوء أدب تجاه الصانع الماهر الذي ألبسك البدلة. وكذلك إن قلت لهم مفتخراً: نعم! انني جميل فعلاً، فأين مثلي في الجمال والأناقة! فعندها يكون جوابك فخراً وغروراً.