ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الثاني عشر | 58
(56-62)

بينما الكسب يتعلق بنتائج خصوصية، لأنه مباشرةٌ خاصة. فمثلاً: ان النتائج المترتبة على نزول المطر تبلغ الالوف، وجميعها نتائج حسنة وجميلة، فاذا ما تضرر أحدهم من المطر بسوء تصرفه وعمله، فليس له الحق ان يقول: ان ايجاد المطر لا رحمة فيه. وليس له أن يحكم بأن خلق المطر شر، بل صار شراً في حقه بسوء اختياره وسوء تصرفه وبكسبه هو بالذات.
وكذا خلق النار، فيه فوائد كثيرة جداً، وجميعها خير، ولكن لو تأذى أحدهم من النار بسوء كسبه وباستعماله السئ لها، فليس له أن يقول: ان خلق النار شر، اذ النار لم تخلق لإحراقه فقط، بل هو الذي أدخل يده في النار التي تطبخ له طعامه، فجعل بسوء عمله تلك الخادمة المطيعة عدوة له.
حاصل الكلام: ان شراً قليلاً يُقبل به للحصول على خير كثير، اذ لو ترك شرٌ ينتج خيراً كثيراً للحيلولة دون حصول ذلك الشر القليل، لحصل عندئذٍ شر كثير.
مثال ذلك: عند سوق الجيش الى الجهاد لابد من حدوث اضرار وشرور جزئية مادية وبدنية، ومن المعلوم كذلك ان في الجهاد خيراً كثيراً حيث ينجو الاسلام من سيطرة الكفار، فلو ُترك الجهاد خشية حدوث تلك الاضرار والشرور القليلة لحصل اذاً شر كثير من دون الحصول على خير كثير، وهذا هو عين الظلم. ومثال آخر: ان قطع الأصبع التي اصابها (الغنغرينا) فيه خير وهو حسن، بينما يبدو ذلك القطع في الظاهر شراً، ولكن لو لم تقطع تلك الاصبع لقطعت اليد، فيحصل آنذاك شر أكبر.
وهكذا فان خلق الشرور والاضرار والبلايا والشياطين، ليس شراً ولا قبيحاً لأن هذه الامور خُلقت للحصول على نتائج مهمةكثيرة جداً. فالملائكة مثلاً لا درجات رقي لهم، وذلك لعدم تسلط الشياطين عليهم؛ لذا يكون مقامهم ثابتاً لا يتبدل. وكذا الحيوانات فان مراتبها ثابتة وناقصة حيث لم تسلط عليها الشياطين. بينما في عالم الانسان تمتد

لايوجد صوت