ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الثاني عشر | 59
(56-62)

المسافة بين مراتب الرقي ودركات التدني الى أبعاد مديدة طويلة جداً، اذ بدءً من النماردة والفراعنة وانتهاءً الى الصدّيقين والاولياء والانبياء عليهم السلام هناك مراتب للرقي والتدني؛ لذا بخلق الشياطين؛ وبسر التكليف، وبارسال الانبياء، انفتح ميدان الامتحان والتجربة والجهاد والمسابقة، وبه تتميز الارواح السافلة التي هي كالفحم في خساسته عن الارواح العالية التي هي كالالماس في نفاسته.فلولا المجاهدة والمسابقة لبقيت الاستعدادات كامنة في جوهر الانسانية، اي لتساوى الفحم والالماس. اي لتساوت الروح السامية لسيدنا ابى بكر الصديق رضى الله عنه وهي في اعلى عليين مع روح ابي جهل التي هي في اسفل سافلين!
اذاً فخلق الشياطين والشرور وايجادها ليس شراً وليس؛ قبيحاً؛ لأنه متوجه نحو نتائج كلية وعظيمة. بل الشرور والقبائح الناتجة انما هي حاصلة من سوء الاستعمال ومن الكسب الانساني الذي هو مباشرةٌ خاصة، راجعة الى الكسب الانساني وليست الى الخلق الإلهي.
 واذا سألتم:
ان كثيراً من الناس يسقطون في هاوية الكفر والضلال بوجود الشياطين ويتضررون من جرائهم على الرغم من بعثة الانبياء عليهم السلام. وحيث ان الحكم جار على الاكثرية، وان الاكثرين يتضررون، فخلق الشر اذاً شر، بل يمكن ان يقال ان بعثة الانبياء ليست رحمة!
فالجواب: انه لا اعتبار للكمية بالنسبة الى النوعية، فالاكثرية في الحقيقة متوجهة اصلاً الى النوعية، لا الى الكمية. فلو كانت هناك مائة نواة للتمر - مثلاً - ولم توضع تحت التراب ولم تسق بالماء، اي إن لم تحدث فيها تفاعلات كيمياوية، اي ان لم تنل مجاهدة حياتية، فانها تظل على حالها مائة نواة وتساوي قيمتها مائة درهم. بينما اذا سقيت بالماء وتعرضت لمجاهدة حياتية فتفسخت من جرائها، وبسوء

لايوجد صوت