ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الخامس عشر | 71
(70-86)

وحينما يتجردون - الى حد ما - من حظوظ البشرية ينالون حالات خارقة للعادة.
أما الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم اجمعين - فهم ليسوا مضطرين الى قطع الدائرة العظيمة بالسير والسلوك ضمن الطريقة للوصول الى الحقيقة، وذلك لتشرفهم بانعكاس انوار الصحبة النبوية الشريفة، فهم قادرون - بهذا السر - ان ينفذوا من الظاهر الى الحقيقة بخطوة واحدة وفي جلسة واحدة. فمثلاً:
ان هناك طريقين لإدراك ليلة القدر التي مضت ليلتها بالأمس وغدت ماضياً:
الاولى:
معاناة الايام يوماً بعد يوم سنة كاملة، لأجل الوصول الى تلك الليلة المباركة مرة اخرى ومقابلتها وموافقتها، فلابد من السير والسلوك وقطع سنة كاملة للظفر بهذه (القربـية الإلهية).
وهذا هو مسلك معظم السالكين من اهل الطرق.
الثانية:
انسلال الجسم المادي المقيد بالزمان من غلافه، والتسامي روحياً بالتجرد، ورؤية ليلة القدر الماضية بالأمس مع ليلة العيد المقبلة بعد يوم حاضرتين ماثلتين كأنهما اليوم الحاضر، حيث ان الروح ليست مقيدة بالزمان. فحينما تسمو الاحاسيس الانسانية الى درجة رهافة الروح يتوسع ذلك الزمان الحاضر - ويطوي فيه الماضي والمستقبل - فتكون الاوقات الماضية والمستقبلة بالنسبة للاخرين بمثابة الحاضر بالنسبة اليه.
في ضوء هذا التمثيل، يكون العبور الى ليلة القدر الماضية بالأمس، بالرقي الى مرتبة الروح ومشاهدة الماضي كأنه الحاضر.
واساس هذا السر الغامض انما هو انكشاف (الاقربية الإلهية).
ولنوضح هذا بمثال:

لايوجد صوت