الاسلام. وبخاصة اولئك الذين أصيب غرورهم القومي بالضربات القوية من يد سيدنا عمر رضي الله عنه. فكانوا يضمرون في نفوسهم الانتقام ويترقبون الفرصة له حيث أُبطل دينهم السابق ودُمّر سلطانهم وازيلت دولتهم التي كانت مدار افتخارهم وعزهم، لذا فقد كانوا يحملون احساساً بالانتقام شعورياً وغير شعوري من خلافة الاسلام. ولهذا قيل ان المنافقين الدساسين الاذكياء امثال اليهود قد استغلوا تلك الحالة الاجتماعية.
اي ان مقاومة تلك الفتن وازالتها هي بمواجهتها باصلاح ذلك المجتمع وتنوير الافكار المختلفة، وليس بكشف قلة من المفسدين.
واذا قيل:
ان سيدنا عمر رضي الله عنه قد هتف من فوق المنبر بسارية احد قواد سراياه وهو على بعد مسيرة شهر منه بـ(يا سارية الجبل الجبل!)(1) فهتافه هذا وتوجيهه هذا اصبحا سبباً من اسباب نيل النصر في تلك المعركة. هذه الحادثة المشهورة تبين مدى نفاذ بصيرته الحادة.
والسؤال هو: لماذا لم تر تلك البصيرة بنظرها الثاقب قاتلَه فيروز الذي كان قريباً منه؟
الجواب: نجيب عن هذا السؤال بما اجاب عنه سيدنا يعقوب عليه السلام(2) ،فقد سئل عليه السلام: كيف وجدت ريح يوسف عليه السلام
--------------------------------------------------
(1) صحيح: اخرجه احمد في فضائل الصحابة برقم 355 باسناد حسن، والطبري في التاريخ 2/ 380، وابو نعيم في الدلائل 3/210، 211 والبيهقي في الدلائل واللالكائي في شرح السنة والزين عاقولي في فوائده، وابن الاعرابي في كرامات الاولياء، وابن مردويه وابو بكر بن خلاد في الفوائد، وابن عساكر 7/ 6/ 1 و 13/63/2 ومن عدة طرق. قال ابن كثير في النهاية 7/131: (هذا اسناد جيد حسن) وقال الحافظ في الاصابة 2/ 3 اسناده حسن، ومثله قول ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة ص 101. وانظر المقاصد برقم 1331 والدرر برقم 462 والتمييز 194 وكشف الخفاء 2/ 380 والاحاديث الصحيحة برقم 1110. - المترجم.
(2) ز مصرش بوى ثيراهن شــــنيدى
ضرا در ضاة كنعانــــش نديدى
بطفت: احوال ما برق جهان است
دمى ثيدا و ديطردم نهان است
طـهى بر طارم أعلى نشينم
طهى بر يُشت ثاى خود نبينم ( سعدي الشيرازي) - المؤلف