ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الخامس عشر | 76
(70-86)

أما العدالة الاضافية فهي أن الجزء يضحى لأجل سلامة الجميع، فهذه العدالة لا تأخذ حق الفرد بنظر الاعتبار لأجل الجماعة، وانما تحاول القيام بنوع من عدالة اضافية من حيث الشر الأهون. ولكن اذا كانت العدالة المحضة قابلة للتطبيق فلا يُصار الى العدالة الاضافية، وان صار اليها فقد وقع الظلم. فالامام علي رضي الله عنه قال: ان العدالة المحضة قابلة للتطبيق، كما كان عليه في عهد الشيخين. لذا حاول بناء الخلافة الاسلامية على تلك القاعدة من العدالة المحضة. بينما معارضوه كانوا يقولون ان هذه العدالة المحضة غير قابلة للتطبيق، حيث هناك، عوائق ومشكلات كثيرة تظهر اثناء تطبيقها، فصار اجتهادهم الى العدالة الاضافية.
أما ما أورده التاريخ من اسباب اخرى فهي ليست اسباباً حقيقية، بل حجج ومبررات واهية.
 فان قلت:
لِمَ لَمْ يُوفّق الامام علي رضي الله عنه بمثل ما وفق اسلافه في ادارة دفة الخلافة رغم اتصافه ـ من هذه الناحية - بقابليات فائقة وذكاء خارق، ولياقة تامة جديرة بمنصب الخلافة؟
الجواب: ان الامام علياً كان حرياً ومؤهلاً للقيام بمهمات جسام تفوق اهمية السياسة والحكم، اذ لو كان التوفيق تاماً له في السياسة والحكم لما كان يحرز لقب (سيد الاولياء) بجدارة تامة، ذلك المقام المعنوي الذي هو أهل له بحق. فظفر بسلطنة معنوية وبحكم معنوي أرقى بكثير من خلافة سياسية ظاهرية. حيث اصبح بمثابة استاذ الجميع، وغدا حكمه المعنوي سارياً وماضياً الى يوم القيامة.

 أما ما وقع من حرب بين الامـام علي رضـي الله عنـه وسيـدنا معاوية رضـي الله عنه وانصاره في واقعة (صفين) فهي حرب بين الخلافة والسلطنة - الملك الدنيوي - أي أن الامام علياً رضي الله عنه قد اتخذ احكام الدين وحقائق الاسلام والآخرة اساساً، فكان يضحي بقسم من قوانين الحكم والسلطنة وما تقتضيه السياسة من امور فيها

لايوجد صوت