ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الخامس عشر | 77
(70-86)

اجحاف في سبيل الحقائق والاحكام. أما سيدنا معاوية ومَن معه، فقد التزموا الرخصة الشرعية وتركوا الاخذ بالعزيمة،لاجل اسناد الحياة الاجتماعية الاسلامية بسياسات الحكم والدولة. فعدّوا انفسهم مضطرين في الأخذ بهذا المسلك في عالم السياسة. لذا رجحوا الرخصة على العزيمة، فوقعوا في الخطأ.
 أما مقاومة الحسن والحسين رضي الله عـنهـما للامويـين، فهي في حقـيقـتها صراع بين الدين والقومية، اذ اعتمد الامويون على جنس العرب في تقوية الدولة الاسلامية، وقدّموهم على غيرهم، اي فضّلوا رابطة القومية على رابطة الاسلام فاضروا من جهتين:
الاولى: آذوا الاقوام الاخرى بنظرتهم هذه، فوّلدوا فيهم الكراهية والنفور.
الثانية: ان الاسس المتبعة في القومية والعنصرية اسس ظالمة لا تتبع العدالة ولا توافق الحق، اذ لا تسير تلك الاسس على وفق العدالة، لأن الحاكم العنصري يفضل من هم بنو جنسه على غيرهم، فأنَّى له أن يبلغ العدالة! بينما (الاسلام يجبّ ما قبله)(1) من عصبية جاهلية، لا فرق بين عبد حبشي وسيد قرشي اذا أسلما(2) فلا يمكن اقامة رابطة القومية بدلاً من رابطة الدين في ضوء هذا الأمر الجازم. اذ لا تكون هناك عدالة قطٍ وانما تهدر الحقوق ويضيع الانصاف.
وهكذا فان سيدنا الحسين رضي الله عنه قد تمسّكَ برابطة الدين، وهو محق في ذلك، لذا قاوم الامويين حتى رزق مرتبةالشهادة.
 واذا قيل:
لِمَ لم ينجح سيدنا الحسين رضي الله عنه في مسعاه رغم انه كان على حق وصواب؟ وكيف سمحت الرحمة الإلهية والقدر الإلهي ان

----------------------------------------------------

(1) رواه ابن سعد في طبقاته عن الزبير وجبيرٍ ابن مطعم، ورواه احمد والطبراني عن عمرو بن العاص. (كشف الخفاء 1/127). - المترجم.
(2) وردت احاديث كثيرة عن النهي عن دعوى الجاهلية. انظر البخاري كتاب الجنائز والمناقب وتفسير القرآن ومسند احمد 3/338 و 385، 4/130 و 202، 5/344 ومسند الطيالسي (1162).

لايوجد صوت