واحد أو في آن واحد.
ثم ان العدم المطلق لا وجود له اصلاً لوجود العلم المحيط، علماً انه لا شئ خارج دائرة العلم الإلهي، كي يُلقى اليه شئ. والعدم الموجود ضمن دائرة العلم هو عدم خارجي، وعنوان صار ستاراً على الوجود العلمي، حتى حدا ببعض العلماء المحققين التعبير عن هذه الموجودات العلمية أنها (اعيان ثابتة). لذا فالذهاب الى الفناء، انما هو نزع الاشياء لألبستها الخارجية مؤقتاً، ودخولها في وجود معنوي وعلمي، اي أن الهالكات والفانيات تترك الوجود الخارجي وتلبس ماهياتها وجوداً معنوياً وتخرج من دائرة القدرة داخلة في دائرة العلم.
النقطة الثانية: لقد اوضحنا في كثير من (الكلمات): ان كل شئ فانٍ بمعناه الاسمي، وبالوجه الناظر الى ذاته، فليس له وجود مستقل ثابت بذاته، وليست له حقيقة قائمة بذاتها وحدها. ولكن الشئ في الوجه الناظر الى الله سبحانه - اي اذا صار بالمعنى الحرفي - فليس فانياً، لأن فيه جلوات ظاهرة لأسماء باقية فلا يكون معدوماً، لانه يحمل ظلاً لوجود سرمدي، وله حقيقة ثابتة وهي حقيقة سامية لأنها نالت نوعاً من ظل ثابت لإسم باقٍ.
ثم ان قوله تعالى ﴿كلُّ شيء هالكٌ الاّ وَجْهَه﴾ سيفٌ ليقطع يد الانسان عمّا سوى الله تعالى، حيث ان الآية تقطع العلائق مع الاشياء الفانية، في دنيا فانية، في غير سبيل الله. فحكم الآية الكريمة اذاً تنظر الى الفانيات في الدنيا، بمعنى أن الشئ ان كان في سبيل الله، اي ان كان بالمعنى الحرفي، اي ان كان لوجه الله، فلا يدخل ضمن ما سواه تعالى اي لا يضرب عنقه بسيف الآية الكريمة ﴿كلُّ شيء هالكٌ الاّ وَجْهَه﴾.
حاصل الكلام: اذا كان الأمر لله، ووجد الله، فلا غير اذن، حتى يُقطع رأسه، ولكن ان لم يجد الله، ولم ينظر في سبيل الله فكل شئ