ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب السادس عشر | 89
(87-109)

له رغبة ولهفة في السياسة لكانت تدوي دوي المدافع، ولا تدع حاجة الى تحريات أو تدقيقات.
 النقطة الثانية:
لِمَ يتجنب سعيد الجديد تجنباً شديداً والى هذا الحد من السياسة؟
الجواب: لئلا يضحى بسعيه وفوزه لاكثر من مليارات من السنين لحياة خالدة، من جراء تدخل فضولي لا يستغرق سنة أو سنتين من حياة دنيوية مشكوك فيها. ثم انه يفر فراراً شديداً من السياسة، خدمةً للقرآن والايمان والتي هي اجلّ خدمة وألزمها وأخلصها وأحقّها. لأنه يقول:
انني اتقدم في الشيب، ولا علم لي كم سأعيش بعد هذا العمر. لذا فالأولى لي العمل لحياة ابدية. وهذا هو الالزم. وحيث أن الايمان وسيلة الفوز بالحياة الابدية ومفتاح السعادة الخالدة، فينبغي اذاً السعي لأجله. بيد أني عالم ديني، مكلف شرعاً بافادة الناس، لذا اريد أن اخدمهم من هذه الناحية ايضاً. الاّ أن هذه الخدمة تعود بالنفع الى الحياة الاجتماعية والدنيوية، وهذه ما لا اقدر عليها، فضلاً عن انه يتعذر القيام بعمل سليم صحيح في زمن عاصف، لذا تخليت عن هذه الجهة وفضّلت عليها العمل في خدمة الايمان التي هي اهم خدمة والزمها وأسلمها. وقد تركت الباب مفتوحاً ليصل الى الآخرين ما كسبته لنفسي من حقائق الايمان وما جربته في نفسي من ادوية معنوية. لعلّ الله يقبل هذه الخدمة ويجعلها كفّارة لذنوب سابقة.
وليس لأحد سوى الشيطان الرجيم ان يعترض على هذه الخدمة، سواءً كان مؤمناً أو كافراً او صدّيقاً او زنديقاً. لأن عدم الايمان لا يشبهه أمر، فلربما توجد لذة شيطانية منحوسة في ارتكاب الظلم والفسق والكبائر الاّ ان عدم الايمان لا لذة فيه اطلاقاً، بل هو ألم في الم، وعذاب في عذاب، وظلمات بعضها فوق بعض.
وهكذا فان ترك السعي لحياة ابدية، وترك العمل لنور الايمان المقدس، والدخول في ألاعيب السياسة الخطرة وغير الضرورية، في

لايوجد صوت