ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب السابع عشر | 112
(110-114)

وسيصبح لك في حكم الشفيع. ولابد أن الحاكم سيرغب يوماً في أن يسعده باللقاء معك، ولا جرم أنه لن يرسله اليك في السجن، بل سيأخذك اليه ويخرجك من السجن ويبعثك الى ذلك القصر لتحظى باللقاء مع الطفل، فيما اذا كنت ذا طاعة له وثقة به.
وفي ضوء هذا المثال - يا أخي العزيز - ينبغي أن يتفكر فيه أمثالُك من المؤمنين عندما يتوفى أطفالهم، ويقولوا: إن هذا الطفل برئ، وان خالقه رحيم وكريم، فبدلاً من رقتي القاصرة عليه، وبدلاً من تربيتي الناقصة له، فقد احتضَنَتْه الرحمة الآلهية وضمته العناية الآلهية الى كنفها العظيم، وأخرجته من سجن المشقات والمصائب والآلام الدنيوية وارسلته الى ظلال جنة فردوسه العظيم. فهنيئاً لذلك الطفل!
ومَن يدري ماذا كان يعمل وكيف كان يتصرف لو ظل في هذه الدنيا؟ لذا فأنا لست متألما عليه، بل أراه سعيداً محظوظاً.. اما تألمي لنفسي بالذات فلا أتألم لها ألماً شديداً، فيما يخص متعتي الخاصة. اذ لو كان باقياً في الدنيا لكان يضمن لي محبّة الاولاد وملاعبتهم المؤقتة زهاء عشرة أعوام وهي مشوبة بالآلام، ولربما لو كان صالحاً بارّاً، وكان ذا قدرة في أمور الدنيا كان يمكنه أن يعينني ويتعاون معي، الا انه بوفاته فقد ضمن لي محبة الاولاد ولعشرة ملايين من السنين وفي الجنة الخالدة، وأصبح مشفّعاً لي للدخول الى السعادة الابدية، فلا أكون اذن شديدَ التألم عليه حتى على حساب نفسي كذلك. لان مَن غابت عنه منفعة عاجلة مشكوك فيها، وربح ألف منفعة آجلة محققة الحصول، لن يظهر الاحزان الأليمة، ولن ينوح يائساً أبداً!
النقطة الثالثة:
إن الطفل المتوفى.. ما كان إلا مخلوقاً لخالق رحيم، وعبداً له، وبكل كيانه مصنوعاً من مصنوعاته سبحانه، وصديقاً مودعاً من لدنه عند الوالدين ليبقى مؤقتاً تحت رعايتهما، وقد جعل سبحانه أمه وأباه خادمَين أمينين له، ومنح كلاً منهما شفقة ملذّة، أجرةً عاجلة أزاء ما

لايوجد صوت