الشفقة - ولكن بلا مشكلات - تربط القلب بالله سبحانه ليوصل صاحبَه الى الله جل وعلا بأقصر طريق وأصفى شكل.
والوالد أو الوالدة على السواء يحبان ولدهما بملء الدنيا كلها، فعندما يؤخذ الولد من اي منهما فانه - إن كان سعيداً ومن أهل الايمان - يعرض وجهه عن الدنيا ويدير لها ظهره فيجد المنعم الحقيقي حاضراً فيقول: ما دامت الدنيا فانية زائلة فلا تستحق اذن ربط القلب بها، فيجد إزاء ما مضى اليه ولده علاقة وثيقة ويغنم حالة معنوية سامية.
إن أهل الغفلة والضلالة لمحرومون من سعادة هذه الحقائق الخمس وبُشَرياتها. فقيسوا على ما يأتي مدى ما هم فيه من أحوال أليمة؛ عندما تُشاهد والدة عجوز طفلها الوحيد الذي تحبه حباً خالصاً، يتقلّب في السكرات، يذهب فكرها حالاً الى رقوده في تراب القبر بدل فراشه الناعم الوثير، لما تتصور الموت عدماً وفراقاً أبدياً، لتوهمها الخلود في الدنيا ونتيجة الغفلة والضلالة، لذا لا يخطر على بالها رحمة الرحمن الرحيم ولا جنته ولا نعمة فردوسه المقيم.. فأنت تستطيع أن تقيس من هذا مدى ما يعانيه أهل الضلالة والغفلة من ألم وحزن يائس بلا بصيص من أمل.
بينما الايمان والاسلام وهما وسيلتا سعادة الدارين يقولان للمؤمن:
إن هذا الطفل الذي يعاني ما يعاني من سكرات الموت سيرسله خالقه الرحيم الى قدس جنته بعدما يخرجه من هذه الدنيا القذرة، زد على ذلك أنه سيجعله لك مشفّعاً، كما سيجعله لك أيضاً ولداً أبدياً... فلا تقلق إذن ولا تغتم. فالفراق مؤقت، واصبر قائلاً: الحكم لله
﴿انا لله وِاِنا اليه راجعون﴾.
الباقي هو الباقي