ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب التاسع عشر | 184
(163-327)

قوية فذة، مهيبة الجانب، ذات شجاعة فائقة وفراسة نافذة ونسب عريق أصيل من أهل البيت ومن بني هاشم، كي يَثْبُت أمام هذه الفتن. فمثل هذه الشخصية الفذة، كانت تتمثل في علّي رضي الله عنه، فثبت فعلاً أمام تلك الأعاصير الهوجاء.. ولقد أخبره الرسول y بذلك أنه سيحارب في سبيل تأويل القرآن كما حارب هو y في سبيل نزوله(2).
ثم انه لولا علي رضي الله عنه لربما كانت سلطنة الدنيا تعصف بالأمويين وتفتنهم كلياً، وتزلّهم عن الصراط السوى، ولكن لأنهم كانوا يرون ازاءهم علياً وآل البيت، فقد حاولوا ان يبلغوا شأوهم ويوازوهم في مكانتهم لئلا يفقدوا منزلتهم في نظر الأمة، فاضطر أغلبُ رؤساء الدولة الأموية الى حضّ اتباعهم على القيام بحفظ حقائق الايمان ونشرها وصيانة أحكام القرآن والإسلام رغم أنهم لم يفعلوا شيئاً بأنفسهم، لذا نشأت في ظل دولتهم مئات الألوف من العلماء المحققين المجتهدين وائمة الحديث والأولياء الصالحين والأصفياء والعاملين، فلولا كمالات يتصف بها آل البيت وصلاحهم وولايتهم لله لزلّ الأمويون وابتعدوا كلياً عن طريق الصواب، كما آل اليه أمرهم في أواخر أيامهم، وكما حدث في أواخر أيام العباسيين.
واذا قيل:
لماذا لم تستقر الخلافة في آل البيت، علماً انهم كانوا أحق بها؟
الجواب: ان سلطنة الدنيا خدّاعة، بينما أهل البيت مكلفون بالحفاظ

---------------------------------------------------------------------------------------------

(2) صحيح: عن ابي سعيد الخدري قال: كنا عند رسول الله y فقال: (فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله) رواه احمد واسناده حسن (مجمع الزوائد 6/244) واورده الهيثمي ايضاً في (9/133 - 134) بسياق اطول من السابق، وقال: رواه احمد ورجاله رجال الصحيح، غير فطر بن خليفة وهو ثقة. اهـ. وهو عند الامام احمد في المسند (3/83). والحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، واقرهما محقق فضائل الصحابة (2/627،637).

لايوجد صوت