ان هذه المعجزة متواترة بالذات، بينما الاقسام الاخرى متواترة نوعاً، اذ ان اكثر جزئياتها وامثلتها لا يرقى الى مستوى التواتر الصريح.
كان المسجد النبوي مسقوفاً على جذوع نخل فكان النبي y اذا خطب يقوم الى جذع منها، فلما صُنِع له المنبر، وكان عليه، سمع لذلك الجذع صوت كصوت العشار(1) وهو يئن ويبكي، حتى جاءه النبي y ووضع يده عليه، وتكلم معه وعزّاه وسلاّه، فسكت الجذع.
نُقلت هذه المعجزة بطرق كثيرة جداً نقلاً متواتراً.
نعم! ان معجزة حنين الجذع مشهورة ومنتشرة، والخبر بها من المتواتر الصريح(2) فقد رواها مئات من ائمة التابعين بخمسة عشر طريقاً عن جماعة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وهكذا نقلوها الى مَن خلفهم. وممن رواها من علماء الصحابة: انس بن مالك ـ خادم النبي ـ وجابر بن عبد الله الانصاري، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وسهل بن سعد، وابو سعيد الخدري، وابي بن كعب، وبُريدة، وام المؤمنين أم سلمة رضوان الله عليهم وكلٌ من هؤلاء على رأس طريق من طرق رواة الحديث.
فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من اصحاب الصحاح هذه المعجزة الكبرى المتواترة ونقلوها الينا.
عن جابر رضي الله عنه، يقول: (كان المسجد مسقوفاً على جذوع من نخلٍ فكان النبي y اذا خطب يقوم الى جذع منها، فلما صُنع له المنبر وكان عليه فسمعنا لذلك الجذع صوتاً كصوت العشار حتى جاء النبي y فوضع يده عليها فسكت)(1) لم يتحمل الجذع فراقه y.
وعن انس:(2) (حتى ارتجّ المسجد لخواره).
----------------------------------------------------------------------------------
(1) (العشار): النوق الحوامل.
(2) انظر النظم المتناثر في الحديث المتواتر 134 - 135.
(1) صحيح البخاري (4/ 237 - 238)، والنسائي (3/ 102) كلهم من حديث جابر وبالفاظ مختلفة.
(2) صحيح: كما رواه الترمذي (3631 - تحقيق احمد شاكر) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب قال: وفي الباب عن اُبّي وجابر وابن عمر وسهل بن سعد وابن عباس وام سلمة اهـ. انظر جامع الاصول (8899).