ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المقام الثاني | 342
(340-376)

فنرى ان بداياتها واصولها وجذورها، وكذا ثمراتها ونتائجها على نمط وطراز بحيث كأن تلك النوى والاصول برامج وفهارس وتعاريف تتضمن جميع اجهزة ذلك الموجود، وكذا يتجمع في نتيجة ذلك الموجود وفي ثمرته، ويترشح فيها معنى ذلك الكائن الحي كله، فيودع فيها تاريخ حياته. فكأن نواة ذلك الكائن الحي التي هي اصله، سجل صغير لدساتير إيجاده، اما ثمراته فهي في حكم فهرس لأوامر ايجاده.
ثم ننظر الى ظاهر ذلك الكائن الحي وباطنه، فنشاهد؛ تدبيراً وتصريفاً للامور لقدرة في منتهى الحكمة، وتصويراً وتنظيماً لإرادة في منتهى النفوذ. أي ان قوة وقدرة توجِدان ذلك الشئ وان أمراً وارادة تلبسانه الصورة.
وهكذا كلما دققنا النظر في اول كل موجود وبدايته رأينا ما يدل على علم عليم، وكلما دققنا النظر في آخره شاهدنا برامج صانع، وكلما دققنا في ظاهر الشئ رأينا حلة بديعة في غاية الاتقان لفاعل مختار مريد، وكلما نظرنا الى باطن الشئ شاهدنا جهازاً في غاية الانتظام لصانع قدير.
فهذه الاوضاع والاحوال تعلن بالضرورة والبداهة؛ انه لايمكن ان يكون شئ ولا وقت ولا مكان خارج قبضة الصانع الجليل الواحد الاحد وخارج تدبيره وتصريفه الامور. بل كل شئ وكل شأن من شؤونه يدبّر في قبضة قدير مريد، ويجمّل وينظم بلطف رحمن رحيم، ويحسّن ويزّين برحمة حنّان منّان.
نعم، ان هذا النظام والميزان والتنظيم والوزان في موجودات هذا الكون كله يدل دلالة واضحة على واحدٍ أحدٍ فرد قدير مريد عليم حكيم، ويري مرتبة وحدانية عظمى لكل من كان مالكاً لشعور وبصر.
نعم.. ان في كل شئ توجد وحدة، والوحدة تدل على الواحد. فمثلاً: الشمس التي هي سراج الدنيا واحدة، بمعنى ان مالك الدنيا

لايوجد صوت