ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المقام الثاني | 344
(340-376)

نعم! ان في الانسان النموذج المصغر للصنعة المنتظمة المتقنة الموجودة في الكون، واذ تشهد الصنعة التي في تلك الدائرة الكبرى على الصانع الواحد، تشير الصنعة الدقيقة المجهرية الموجودة في الانسان الى ذلك الصانع ايضاً وتدل على وحدته، وكما ان هذا الانسان مكتوبٌ رباني ذو مغزى عميق، وقصيدة منظومة للقدر الإلهي، كذلك الكائنات قصيدة قدرية منظومة دبجت بذلك القلم نفسه، وبمقياس مكبر. فهل يمكن لغير الواحد الاحد أن يتدخل في سكة التوحيد المضروبة على وجه الانسان والمتوجهة بالعلامات الفارقة الى ما لا يحد من الناس، او ان يتدخل في ختم الوحدانية المضروب على الكائنات الجاعل موجوداتها كلها متعاونة متكاتفة؟.
الفقرة الثانية: (ابداعه لذاك… ) الخ.
ان الصانع الحكيم قد خلق العالم الاكبر خلقاً بديعاً ونقش آيات كبريائه عليه، بحيث جعل الكون على صورة مسجد كبير. وأنشأ سبحانه هذا الانسان في احسن تقويم، واهباً له العقل، بحيث جعله يسجد سجدة اعجاب امام معجزات صنعته وبديع قدرته. واستقرأه ايات كبريائه، حتى صيّره عبداً ساجداً في ذلك المسجد الكبير بما غرز في فطرته من العبودية والخضوع له. فهل من الممكن ان يكون المعبود الحقيقي للساجدين العابدين في هذا المسجد الكبير غير الصانع الواحد الاحد؟.
الفقرة الثالثة: (انشاؤه لذاك… ) الخ.
ان مالك الملك ذا الجلال قد انشأ العالم الاكبر، ولاسيما وجه الارض، انشاءً كأنها دوائر متداخلة بما لاتعد ولاتحصى، كل دائرة بمثابة مزرعة او حقل يزرع فيها، كل وقت وكل موسم وكل عصر، ويحصد ويحصّل على المحاصيل، وهكذا يُشغل مُلكه باستمرار ويتصرف في اموره كل حين. حتى انه جعل اعظم دائرة من تلك الدوائر وهي دائرة الذرات في الكون مزرعة واسعة يزرع فيها ويحصل منها بقدرته وحكمته محاصيل بقدر الكون، ويرسل تلك المحاصيل من عالم الشهادة الى عالم الغيب، ومن دائرة القدرة الى

لايوجد صوت