ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المقام الثاني | 347
(340-376)

قدرة الصانع ـ من حيث الكبرياء والجلال ـ أوجدت العالم كله كأنه قصر عظيم، وجعلت الشمس فيه سراجاً وهاجاً، والقمر قنديلاً، والنجوم مصابيح، وجعلت سطح الارض سفرة مبسوطة للطعام، ومزرعة جميلة، وبستاناً زاهياً، وجعلت الجبال مخازن ومستودعات، واوتاداً للتثبيت، وقلاعاً عظيمة.. وهكذا جعلت جميع الاشياء لوازم واثاثاً لذلك القصر المنيف، بمقياس مكبر، واظهرت عظمة ربوبيته سبحانه مثلما اسبغت رحمته سبحانه ـ من حيث الجمال ـ صنوف نعمه على كل كائن حي، حتى على اصغره، ونظّمت عليه، فجمّلت الكائنات طراً بالنعم وزيّنتها باللطف والكرم، دافعة هذه الألسنة الصغيرة الناطقة بجمال الرحمة أن تقابل تلك الألسنة العظيمة الناطقة بجلال العظمة، اي ان الاجرام الكبيرة، كالشمس والعرش حينما تنطق بلسان العظمة: (ياجليل.. ياكبير.. ياعظيم) تقابلها ألسنة الرحمة في البعوض والسمك والحيوانات الصغيرة بـ(ياجميل.. يارحيم.. ياكريم).. مكونة بذلك نغمات منسجمة في موسيقى كبرى، تزيدها حلاوة ولذة.
فهل من الممكن ان يتدخل غير ذلك الجليل ذي الجمال، الجميل ذي الجلال في هذا العالم الاكبر والاصغر، من حيث الخلق والايجاد؟ حاشَ لله… وكلا.
الفقرة السادسة: (حشمته في ذاك… ) الخ.
ان عظمة الربوبية الظاهرة في مجموع الكون، تثبت الوحدانية الإلهية وتدل عليها، كما ان النعمة الربانية التي تعطي الارزاق المقننة حتى لجزئيات ذوي الحياة، تثبت الاحدية الإلهية وتدل عليها.
اما الواحدية فتعني: ان جميع تلك الموجودات ملكٌ لصانع واحد، وتتوجه الى صانع واحد، وكلها ايجاد موجِد واحد.
اما الاحدية فهي: ان اكثر اسماء خالق كل شئ يتجلى في كل شئ.
فمثلاً: ان ضوء الشمس ـ بصفة احاطته بسطح الارض كافة

لايوجد صوت