ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المقام الثاني | 348
(340-376)

يبين مثال الواحدية، وان وجود ضوء الشمس وألوانه السبعة وحرارتها، وظلاً من ظلالها في كل جزء شفاف وفي كل قطرة ماء يبين مثال الاحدية. وكذا فان تجلي اكثر اسماء ذلك الصانع في كل شئ، ولا سيما في كل كائن حي، وبخاصة في كل إنسان يبين مثال الاحدية.
وهكذا فان هذه الفقرة تشير الى عظمة الربوبية التي تصرّف الامور في العالم والتي جعلت تلك الشمس العظيمة سراجاً وهاجاً وخادمة لاحياء الارض. والكرة الارضية الضخمة مهداً للاحياء ومنزلاً، ومتجراً لها. وجعلت النار طباخة وصديقة مستعدة للقيام بالعمل في كل مكان، والسحاب مصفاة للهواء ومرضعة للاحياء، والجبال مخازن ومستودعات والهواء مروّحاً للانفس والنفوس، والماء مبعثاً للحياة وكالأم الرؤوم للاحياء الجدد. فهذه الربوبية الإلهية تبين الوحدانية الإلهية بوضوح تام.
نعم! من ذا الذي يجعل الشمس مسخرة لسكنة الارض غير الخالق الواحد؟ ومن ذا غير ذلك الواحد الاحد يمسك الهواء ويسخره في وظائف جليلة وعلى سطح الارض كافة؟ ومن غير ذلك الواحد الاحد يقدر على استخدام النار طباخة للاحياء ويجعلها تلتهم اشياء اكبر من حجمها بالاف المرات؟ وهكذا.. فكل شئ وكل عنصر وكل جرم سماوي يدل على الواحد ذي الجلال من حيث تلك الربوبية المهيبة.
فكما تظهر الواحديةُ من حيث الجلال والعظمة، تعلن النعمةُ والاحسانُ الاحديةَ الإلهية من حيث الجمال والرحمة، لان الاحياء ولاسيما الانسان من حيث الصنعة الجامعة المتقنة، يملك من الاجهزة والجوارح بحيث تعرف انواع النعم التي لاتعد ولاتحصى، وتتقبلها وتطلبها. حتى حظي الانسان بتجليات اسماء الله الحسنى كلها كما تتجلى في الكون كله، وكأنه بؤرة تظهر جميع الاسماء الحسنى دفعة واحدة في مرآة ماهيته، فيعلن بذلك الاحدية الإلهية.

لايوجد صوت