ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المقام الثاني | 345
(340-376)

دائرة العلم.
وجعل سبحانه سطح الارض الذي هو دائرة متوسطة بمثابة مزرعة كذلك، بحيث يزرع فيها كل موسم وباستمرار عوالم وانواعاً شتى ويحصدها ويحصّل منها محاصيلها كل فصل وموسم محاصيل معنوية يبعثها ايضاً الى عوالمه الغيبية والاخروية والمثالية والمعنوية..
ثم انه سبحانه يملأ بستاناً في الارض ـ وهو دائرة صغيرة ـ يملأه مرات ومرات بل الف مرة بقدرته ويفرغه بحكمته.
ثم انه سبحانه يحصل من الكائن الحي الذي هو دائرة اصغرـ كالشجرة والانسان ـ يحصل منه مائة ضعف وضعف من المحاصيل.
بمعنى: ان ذلك المالك الملك ذا الجلال قد أنشأ كل شئ ـ جزئيه وكليّه، صغيره وكبيره ـ بمثابة (موديل) يُلبسه مئات منسوجات صنائعه المنقشة بنقوش متجددة بمئات الاشكال والانماط. مظهراً به تجليات اسمائه الحسنى ومعجزات قدرته. وأنشأ كل شئ في ملكه بمثابة صحيفة يكتب فيها كتاباته البليغة بمئات الاشكال والوجوه، مظهراً بها آياته الحكيمة ويستقرئها اهل الشعور من مخلوقاته.
وكما انه قد أنشأ هذا العالم الاكبر ملكاً له، كذلك خلق هذا الانسان مملوكاً له ومنحه من الاجهزة والجوارح والحواس والمشاعر، ولاسيما النفس الامارة والهوى والحاجة والشهية والحرص والطلب، بحيث جعله في ذلك الملك الواسع مملوكاً وعابداً محتاجاً الى جميع ملكه. فهل من الممكن ان يتصرف في ذلك الملك، ويكون سيداً على ذلك المملوك سوى ذلك المالك للملك الذي جعل الموجودات كلها بدءاً من عالم الذرات ذلك العالم الواسع جداً الى جناح الذباب ملكاً ومَزارِع، وجعل الانسان الصغير ناظراً على ذلك الملك الواسع العظيم ومفتشاً فيه ومزارعاً وتاجراً ودلالاً وعابداً ومملوكاً واتخذه ضيفاً عزيزاً عليه ومخاطباً محبوباً؟

لايوجد صوت