ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المقام الثاني | 351
(340-376)

تشهد ان ذلك القدير المطلق قادر على عجائب الإمكانات التي ستحدث في المستقبل. فكما ان الذي أتى بالامس قادر على إتيان الغد، فان ذلك القدير الذي انشأ الماضي قادر على ايجاد المستقبل ايضاً، وذلك الصانع الحكيم الذي خلق الدنيا قادر على خلق الآخرة.
نعم؛ كما ان ذلك القادر الجليل هو المعبود الحق، فالمحمود بالحق ايضاً انما هو وحده. وكما ان العبادة خاصة به وحده، فالحمد والثناء ايضاً يخصانه سبحانه.
فهل من الممكن ان الصانع الحكيم الذي خلق السموات والارض يترك هذا الانسان سدىً، وهو الذي خلقه اعظم نتيجة للسموات والارض واكمل ثمرات العالم؟ وهل يمكن ان يحيله الى الاسباب والمصادفات، فيقلب حكمته الباهرة عبثاً؟ حاشَ لله.. وكلا..
وهل يعقل ان الحكيم العليم الذي يرعى الشجرة، ويدبّر امورها بعناية ويربيها في منتهى الحكمة ان يهمل ثمرات تلك الشجرة التي هي غايتها وفائدتها ولايهتم بها، فتتشتت وتتفرق في ايدي السراق وايدي العبث، وتضيع؟ لاشك ان عدم الاهتمام هذا محال قطعاً، اذ الاهتمام بالشجرة انما هي لأجل ثمراتها.
وهكذا فان اكمل ثمرات هذا العالم ونتيجته ذات الشعور وغايته هو الانسان، فهل يمكن أن يعطي صانع هذا العالم الحكيم، الحمد والعبادة والشكر والمحبة التي هي ثمرة الثمار ذات الشعور الى غيره تعالى.. فيضيّع حكمته الباهرة وينزّلها الى دركة العدم.. او يقلب قدرته المطلقة الى عجز.. او يحوّل علمه المحيط الى جهل؟ حاشَ لله وكلا.. الف الف مرة!
فهل من الممكن ان يصل الشكر والعبادة التي يقدّمها ذوو الشعور الذين هم مدار المقاصد الإلهية في بناء قصر الكون ولاسيما الانسان الذي هو افضلهم ازاء النعم التي نالوها، الى غير صانع قصر الكون وان يسمح ذلك الصانع الجليل ان يقدم الشكر والعبادة وهي غاية المقاصد، الى غيره تعالى؟

لايوجد صوت