ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الرابع والعشرون | 440
(421-442)

وجود رفيع.
فهل يقال في مثل هذه الحالة: ياخسارة على تلك المواد الاعتيادية؟ أفيُشكى هكذا؟ أيُقال: لِمَ لم يرأف صاحب المصنع بحال تلك المواد وحرقها ومحاها؟
(ولله المثل الاعلى) ان الخالق الحكيم والرحيم والودود، يُشغل مصنع الكائنات جاعلاً من كل وجود فانٍ نواة لانواع من الوجود الباقي، ومداراً لاظهار مقاصده الربانية مظهراً به شؤونه السبحانية متخذاً اياه مداداً لقلم قدره، ومكوكاً لنسج قدرته، وذلك بمقتضى الرحمة والحكمة والودودية. فيدفع سبحانه بفعالية قدرته الكائنات لتؤدي مهامها وفعالياتها لاجل كثير مما لانعرفه من عنايات غالية ومقاصد عالية. فتسوق تلك الفعالية الموجودات كلها حتى تجعل الذرات تجول جولاناً، والموجودات تسير سيراناً، والحيوانات تسيل سيلاناً، والسيارات تدور دوراناً. فتجعل الكون يتكلم وينطق ويتلو آيات خالقه بصمت ويستكتبه.
ومن حيث الربوبية قد جعل سبحانه المخلوقات الارضية عروشاً له؛ اذ جعل الهواء نوعاً من عرش لأمره وارادته، وعنصر النور عرشاً آخر لعلمه وحكمته، والماء عرشاً آخر لاحسانه ورحمته، والتراب نوعاً من عرش لحفظه وإحيائه. ويسيّر ثلاثة من تلك العروش فوق المخلوقات الارضية.
فاعلم علماً قاطعاً! ان الحقيقة السامية التي بينت في هذه الرموز الخمسة والاشارات الخمس انما تشاهد بنور القرآن ولاتمتلك الاّ بقوة الايمان، والاّ ستعم ظلمات مرعبة بدلاً من تلك الحقيقة الباقية، وتمتلىء الدنيا لاهل الضلالة بألوان الفراق واصناف الزوال وتطفح بانواع العدم ويصبح الكون بالنسبة له جحيماً معنوياً لايطاق، اذ يحيط بوجود آني بالنسبة له ما لايحدمن العدم كلَّ شئ ، فالماضي والمستقبل جميعاً مملوءان بظلمات العدم. فلايجد الضال الاّ نوراً كئيباً حزيناً في حاله الحاضرة وهي زمان قصير جداً.
ولكن ما ان يأتي سر القرآن ونور الايمان اذا بنور وجود يشاهد

لايوجد صوت