ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب الرابع والعشرون | 439
(421-442)

ان جاز التعبير ـ ورضى مقدساً مطلقاً وسروراً مقدساً مطلقاً ـ ان جاز التعبير ـ ولذة مقدسة مطلقة وفرحاً منزهاً مطلقاً بما يليق بذاته الجليلة المقدسة ويوافق تعاليه وتنزهه وتقدسه سبحانه، اذ تُشاهد آثار تلك الشؤون المنزهة، لان ما تقتضيه تلك الشؤون هوسوق الموجودات بسرعة في فعالية محيّرة، ضمن تبديل وتغيير وزوال وفناء، فترسل ـ الموجودات ـ باستمرار من عالم الشهادة الى عالم الغيب. فالمخلوقات ضمن تجليات تلك الشؤون الربانية في سير وسياحة دائمين، في حركة وجولان مستمرين. فهي بهذه السياحة والحركة الدائمتين تملأ آذان اهل الغفلة بنعيات الفراق والزوال، وتشنف اسماع اهل الايمان بنغمات الذكر والتسبيح.
وبناءً على هذا السرّ، فما من موجود يرحل عن الوجود الاّ ويترك في الوجود من المعاني والكيفيات والحالات ما يكون مداراً باقياً لظهور شؤون باقية لواجب الوجود سبحانه.
ثم ان ما قضاه ذلك الموجود من اطوار واحوال، يتركه عندما يرحل وجوداً مفصلاً ـ يمثل وجوده الخارجي ـ في دوائر الوجود العلمي من امثال الإمام المبين والكتاب المبين واللوح المحفوظ، تلك الدوائر التي هي عناوين العلم الازلي.
فكل فانٍ اذاً يترك وجوداً ويكسب لنفسه ولغيره ألوفاً من انواع الوجود.
مثلاً: تلقى مواد اعتيادية الى ماكنة مصنع عظيم، فتحترق تلك المواد وتمحى ظاهراً، ولكن تترسب مواد كيمياوية ثمينة وادوية مهمة في انابيق ذلك المصنع، فضلاً عن قيام قوة بخارها بتحريك دواليب ذلك المعمل مما يؤدي الى نسج الاقمشة من جهة وطبع الكتب من جهة اخرى وانتاج السكر من جهة اخرى مثلاً.
بمعنى؛ ان في احتراق تلك المواد الاعتيادية وفنائها الظاهري تجد ألوف الاشياء الوجود.
بمعنى؛ يذهب وجود اعتيادي ويفنى، ولكن يورث انواعاً من

لايوجد صوت