وسقياها فكذّبوه فَعَقَروها فدمْدَم عليهم ربُّهم بذَنْبهم فسوّاها ولا يخافُ عُقباها﴾(الشمس: 11ــ 15).
تبين هذه الآيات بياناً معجزاً، في ايجاز بليغ، في بضع جمل قصيرة، الحوادث العجيبة التي حدثت لقوم ثمود وعاقبة امرهم، تبينها بايجاز من دون اخلال بالفهم وفي سلاسة ووضوح.
ومثلاً قوله تعالى:
﴿وذا النونِ اذ ذهبَ مُغاضباً فظنَّ أنْ لن نقدِر عليه فنادى في الظُلماتِ ان لا اله الاّ انت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين﴾(الانبياء: 87)
ان ما بين قوله تعالى ﴿أن لَن نقدرَ عليه﴾ الى جملة ﴿فنادى في الظلمات﴾ هناك كثير من الجمل المطوية. فتلك الجمل غير المذكورة لا تخل بالفهم ولا تسئ الى سلاسة الآية، اذ تذكر الآية الكريمة الحوادث المهمة في حياة سيدنا يونس عليه السلام وتحيل البقية الى العقل.
وكذلك في سورة يوسف. فان ما بين كلمة ﴿فارسلون﴾ الى ﴿يوسف ايها الصديق﴾ هناك ما يقرب من ثماني جمل قد انطوت، ولكن دون اخلال بالمعنى ولا إفساد لسلاسة الآية.
وامثال هذه الانماط من الايجاز المعجز كثيرة جداً في القرآن الكريم، وهي لطيفة جداً في الوقت نفسه.
أما الآيات المتصدرة، التي هي في سورة (ق) فان ايجازها عجيب ومعجز، اذ تشير الى مستقبل الكفار الرهيب جداً والمديد جداً، حتى ان يوماً منه خمسون الف سنة، فتذكر الآية ما تحدث فيه من انقلابات وتحولات وحوادث جليلة تصيب الكفار في مستقبلهم، حتى انها تسيّر الفكر بسرعة مذهلة كالبرق فوق تلك الحوادث الرهيبة وتجعل ذلك الزمان الطويل جداً كأنه صحيفة حاضرة أمام الانسان.وتحيل الحوادث غير المذكورة الى الخيال، فتبينها بسلاسة