ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب السادس والعشرون | 506
(497-510)

وانواره، أي يستلزم تصوره انه افتراء من خدّاع.. وما هذا الاّ محال شنيع يخجل منه حتى السوفسطائيون والشياطين انفسهم، اذ هو هذيان كفري ترتعد منه الفرائص. زد على ذلك يلزم بذلك الافتراض، ان يكون من هو ارسخ عقيدة وأمتن ايماناً واصدق كلاماً وآمن قلباً، بشهادة الشريعة الغراء التي أتى بها وبدلالة ما اظهره - بالاتفاق - من التقوى الخارقة، والعبودية الخالصة، وبمقتضى اخلاقه الفاضلة المتفق عليها بين الاولياء والاعداء، وبتصديق من ربّاهم من اهل العلم والتحقيق واهل الحقيقة وارباب الكمال.. يلزم - بذلك الافتراض - ان يكون فاقداً للعقيدة، لا يوثق به، ولا يخشى الله (حاش لله ثم الف الفَ مرة حاش لله) وما هذا الاّ ارتكاب لأقبح محال ممجوج وضلالة موغلة في الظلم والظلمات.
نحصل مما سبق: مثلما ذكر في الاشارة الثامنة عشرة من المكتوب التاسع عشر، ان الذي لا يملك الاّ قدرة الاستماع في فهم اعجاز القرآن قد قال: اذا قيس القرآن مع جميع ما سمعته من كتب، نراه لا يشبه ايٍ منها، وليس في مستوى تلك الكتب. لذا فالقرآن: إما انه تحت الجميع، أو فوق الجميع. اما الشق الاول، فمع كونه محالاً لا يستطيع حتى الاعداء - بل حتى الشيطان نفسه أن يقوله.. لذا فالقرآن ارفع واسمى من جميع تلك الكتب. اي أنه معجزة.
وعلى غرار هذا نقول مستندين الى حجة قاطعة وهي التي تسمى (بالسبر والتقسيم)(1) حسب علم الاصول وعلم المنطق:
ايها الشيطان ويا تلاميذ الشيطان!
ان القرآن الكريم اما انه كلام الله آت من العرش الاعظم، من الاسم الاعظم، أو أنه افتراء شخص لا يخشى الله ولايتقيه ولا يعتقد به ولا يعرفه (حاش لله الف الف مرة حاش لله) وهذا الكلام لا تقدر ان 
-----------------------------------------------------
(1) السَّبر والتقسيم: حصر الأوصاف التي يظن انها علة الحكم، ثم ابطالها الواحد تلو الآخر إلاّ واحداً منها حيث يتعيّن كونه عِلة. - المترجم

لايوجد صوت