ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المكتوب السادس والعشرون | 504
(497-510)

وتنسيق شؤونهم، وبما جهّزهم باعتدة معنوية ومادية، وعلّم عقول الافراد - كل حسب درجته - وربّى قلوبهم وسخّر ارواحهم وطهّر وجدانهم واستخدم جوارحهم - كما هو مشاهد - فيلزم بذلك الافتراض ان يكون كلاماً ملفقاً لا قوة له ولا اهمية ولا أصل - حاش لله ثم حاش لله - اي يلزم قبول مائة محال في محال. فضلاً عن ان يكون الذي امضى حياته منقاداً لقوانين الله ومرشداً اليها، وعلّم البشرية دساتير الحقيقة، بافعاله الخالصة واظهر اصول الاستقامة وطريق السعادة باقواله الطيبة المعقولة، وكان اخشى الناس لله واعرفهم به، واكثر من عرّفه بهم بشهادة سيرته العطرة حتى انضوى تحت لوائه خمس البشرية ونصف الكرة الارضية طوال الف وثلائمائة وخمسين عاماً، فكان فيها قائداً رائداً للامة، حتى أنه هزّ العالم اجمع واصبح حقاً فخر البشرية، بل فخر العالمين.. فيلزم بهذا الافتراض ان يكون غير عارف بالله ولا يخشى عذابه وفي مستوى انسان عادي، اي يلزم ارتكاب محال في مائة محال. لأن المسألة لا وسط لها، اذ لو لم يكن القرآن الكريم كلام الله، وسقط من العرش الاعظم، لا يقدر ان يظل في الوسط بل يلزم أن يكون بضاعة احد الكذابين في الارض.
ومن هنا فيا ايها الشيطان لو تضاعفت دسائسك مائة ضعف لما اقنعت بهذا الافتراض من يملك عقلاً لم يفسد وقلباً لم يتفسخ.
انبرى الشيطان قائلاً:
- كيف لا استطيع ان اغويهم؟ فلقد دفعتُ كثيراً من الناس والعقلاء المشهورين منهم خاصة الى انكار القرآن وانكار نبوة محمد!
الجواب:
 اولاً: اذا نُظر الى اكبر شئ من مسافة بعيدة، يظهر كأنه شئ صغير للغاية. حتى يمكن لمن ينظر الى نجم أن يقول: ان ضوءه كالشمعة.
 ثانياً: ان النظر التبعي أو السطحي يرى المحال كالممكن. يروى ان شيخاً كبيراً نظر الى السماء لرؤية هلال رمضان، وقد نزلت

لايوجد صوت