الخالدة.. يستلزم الفرض أن يكون هذا الفرقان الحكيم وحقائقه الجليلة من اختلاق وافتراء انسان لا علم له ولا معين، ويلزم الاّ يشاهد عليه اولئك الدهاة الفطنون القريبون منه المتفحصون لأحواله، اية علامة من علائم الخداع والتمويه بل يرون دائماً اخلاصه وثباته وجديته. وهذا محال في مائة محال فضلاً عن ان الذي اظهر في احواله واقواله وحركاته كلها طوال حياته الامانة والايمان والامان والاخلاص والصدق والاستقامة، وارشد اليها وربّى الصديقين على تلك الصفات السامية والخصال الرفيعة.. يلزم ان يكون - بذلك الافتراض - ممن لا يوثق به، ولا اخلاص له ولا يحمل عقيدة.. وما ذلك الاّ رؤية المحال في المحال المضاعف حقيقة واقعة! وما ذلك الاّ هذيان كفري يخجل منه حتى الشيطان نفسه.. ذلك لأن المسألة لا وسط لها. اذ لو لم يكن القرآن الكريم - بفرض محال - كلام الله ، فانه يهوى ساقطاً من العرش الاعظم الى الارض. ولا يبقى في الوسط، فيكون منبع الخرافات، وهو مجمع الحقائق المحضة، وكذا فان الذي اظهر ذلك الأمر الرباني الخالد لو لم يكن رسولاً ـ حاشَ لله ثم حاش لله - يلزم - بهذا الافتراض - ان يهوى من اعلى عليين الى اسفل سافلين، ومن درجة منبع الكمالات والفضائل الى معدن الدسائس، ولا يبقى في الوسط. ذلك لأن الذي يفترى على الله ويكذب عليه يسقط الى ادنى الدركات.
ان رؤية الذباب طاووساً رؤية دائمة، ومشاهدة اوصاف الطاووس الرفيعة في ذلك الذباب كم هي محال فهذه المسألة ايضاً محال مثله، ولا يمكن ان يعطيها احتمالاً قط الاّ من كان سكيراً فاقد العقل.
رابعاً: ان افتراض القرآن الكريم كلام بشر يلزم ان يكون القرآن الذي هو القائد المقدس والنور الهادي للامة المحمدية - الممثلة لاعظم جماعة وجيش في بنى آدم - والذي يستطيع بقوانينه الرصينة ودساتيره الراسخة واوامره النافذة ان يغزو بذلك الجيش العظيم كلا العالمين ويفتح الدنيا والآخرة، بما اعطاهم من نظام لتسيير احوالهم